للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

جعل الله تعالى اهتزاز العرش علامةً للملائكة على موته، أو المراد: الكناية عن تعظيم شأن وفاته، والعرب تنسب الشَّيء العظيم إلى أعظم الأشياء، فتقول: أظلمت الأرض لموت فلانٍ، وقامت له القيامة.

وهذا الحديث أخرجه مسلمٌ في «المناقب» أيضًا (١)، وابن ماجه في «السُّنَّة».

(وَعَنِ الأَعْمَشِ) سليمان بن مهران بالإسناد السَّابق إليه أنَّه قال: (حَدَّثَنَا أَبُو صَالِحٍ) ذكوان الزَّيَّات (عَنْ جَابِرٍ) الأنصاريِّ (عَنِ النَّبِيِّ مِثْلَهُ) أي: مثل حديث أبي سفيان طلحة بن نافعٍ السَّابق، وفائدة سياق هذا أنَّه لا يخرج لأبي سفيان هذا إلَّا مقرونًا بغيره واستشهادًا كما (٢) مرَّ مع ما زاده حيث قال: (فَقَالَ رَجُلٌ) قال الحافظ ابن حجرٍ : لم أقف على تسميته (لِجَابِرٍ) المذكور : (فَإِنَّ البَرَاءَ) أي: ابن عازبٍ (يَقُولُ) في معنى قوله : «اهتزَّ العرش لموت سعد بن معاذٍ» أي: (اهْتَزَّ السَّرِيرُ) الذي حُمِل عليه، وسياق الحديث يأباه؛ إذ إنَّ المرادَ منه فضيلتُه، وأيُّ فضيلةٍ في اهتزاز سريره؛ إذ كلُّ سريرٍ يهتزُّ إذا تجاذبته أيدي الرِّجال، نعم يحتمل أن يُراد اهتزاز حَمَلَة سريره فرحًا بقدومه على ربِّه ﷿، وفي حديث ابن عمر عند الحاكم: «اهتزَّ العرش فرحًا بلقاء الله سعدًا حتَّى تفسَّخت أعواده على عواتقنا» قال ابن عمر: يعني: عرش سعدٍ الذي حُمِل عليه، فأوَّله كما أوّله البراء، لكنَّ هذا الحديث يعارض حديث ابن عمر هذا من رواية عطاء بن السَّائب عن مجاهدٍ عن ابن عمر، وفي حديث عطاءٍ (٣) مقالٌ؛ لأنَّه ممَّن اختلط في آخر عمره، ويعارضه أيضًا ما صحَّحه التِّرمذيُّ من حديث أنسٍ قال: «لمَّا حُمِلت جنازة سعد بن معاذٍ قال المنافقون: ما أخفَّ جنازته، فقال النَّبيُّ : إنَّ الملائكة كانت تحمله».

(فَقَالَ) أي: جابرٌ في جواب الرَّجل: (إِنَّهُ كَانَ بَيْنَ هَذَيْنِ الحَيَّيْنِ) الأوسِ والخزرجِ (ضَغَائِنُ) بالضَّاد والغين المُعجَمتين، جمع ضغينةٍ وهي الحقد (سَمِعْتُ النَّبِيَّ يَقُولُ: اهْتَزَّ عَرْشُ الرَّحْمَنِ لِمَوْتِ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ) فالتَّصريح بعرش الرَّحمن يردُّ ما تأوَّله البراء وغيره، ولم


(١) «أيضًا»: ليس في (ص) و (م).
(٢) في (ب) و (س): «لِمَا».
(٣) في (ص): «حديث عمر»، وفي (م): «حديثه»، والمثبت موافقٌ لما في «الفتح» (٧/ ١٥٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>