الثَّناء عليه بذلك تواضعًا وإيثارًا للخمول وكراهةً للشُّهرة (وَسَأُحَدِّثُكَ) بالواو، ولأبي ذرٍّ:«فسأحدِّثك»(لِمَ ذَاكَ) الإنكار الصَّادر منِّي عليهم؟ وهو أنِّي (رَأَيْتُ رُؤْيَا عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ ﷺ فَقَصَصْتُهَا عَلَيْهِ وَ) هي أنِّي (رَأَيْتُ كَأَنِّي فِي رَوْضَةٍ -ذَكَرَ) ابن سلامٍ الرَّائي (مِنْ سَعَتِهَا) بفتح السِّين (وَخُضْرَتِهَا- وَسْطَهَا) بسكون السِّين (عَمُودٌ مِنْ حَدِيدٍ، أَسْفَلُهُ فِي الأَرْضِ وَأَعْلَاهُ فِي السَّمَاءِ، فِي أَعْلَاهُ عُرْوَةٌ) بضمِّ العين وسكون الرَّاء المُهمَلتين وفتح الواو (فَقِيلَ لَهُ) ولأبي ذرٍّ «لي»: (ارْقَهْ) بهاء السَّكت، ولأبي ذرٍّ عن الحَمُّويي والمُستملي:«ارقَ» بإسقاطها (قُلْتُ) ولأبي ذرٍّ: «فقلت»: (لَا أَسْتَطِيعُ) أن أرقاه (فَأَتَانِي مِنْصَفٌ) بكسر الميم وسكون النُّون وفتح الصَّاد المُهمَلة وبعدها فاءٌ، ولأبي ذرٍّ عن الحَمُّويي والمُستملي:«مَنصِفٌ» بفتح الميم وكسر الصَّاد، والأوَّل أشهر، أي: خادمٌ (فَرَفَعَ ثِيَابِي مِنْ خَلْفِي، فَرَقِيتُ) بكسر القاف (حَتَّى كُنْتُ فِي أَعْلَاهَا، فَأَخَذْتُ بِالعُرْوَةِ، فَقِيلَ لِي: اسْتَمْسِكْ) بها (فَاسْتَيْقَظْتُ) من منامي (و) الحال (إنَّهَا) أي: العروة (لَفِي (١) يَدِي) قبل أن أتركها، وليس المراد أنَّه استيقظ وهي في يده وإن كانت القدرةُ صالحةً لذلك (فَقَصَصْتُهَا عَلَى النَّبِيِّ ﷺ، قَالَ) ولأبوي الوقت وذرٍّ: «فقال»: (تِلْكَ الرَّوْضَةُ الإِسْلَامُ) أي: جميع ما يتعلَّق بالدِّين (وَذَلِكَ) وللحَمُّويي: «وأمَّا»(العَمُودُ) فهو (عَمُودُ الإِسْلَامِ) أي: أركانه الخمسة، أو كلمة الشَّهادة وحدها (وَتِلْكَ العُرْوَةُ الوُثْقَى) ولغير أبي ذرٍّ: «وتلك العروة عروة الوثقى» أي: الإيمان، قال تعالى: ﴿فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِن بِاللّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىَ﴾ [البقرة: ٢٥٦](فَأَنْتَ عَلَى الإِسْلَامِ حَتَّى تَمُوتَ، وَذَاكَ) ولأبي ذرٍّ: «وذلك»(الرَّجُلُ عَبْدُ اللهِ بْنُ سَلَامٍ) يحتمل أن يكون هو قوله، ولا مانع أن يخبر بذلك ويريد نفسه، ويحتمل أن يكون من كلام الرَّاوي، وليس في هذا نصٌّ بقطع النَّبيِّ ﷺ أنَّه من أهل الجنَّة كما نصَّ على غيره؛ فلذا أَنْكَر عليهم، ويحتمل أن يكون قوله:«ما ينبغي» إنكارًا منه على من سأله عن ذلك؛ لكونه فهم منه التَّعجُّب من خبرهم بأنَّ ذلك لا عجب فيه؛ لِمَا ذكره من قصَّة المنام، وأشار بذلك القول إلى أنَّه لا ينبغي لأحدٍ إنكار ما لا علم له به إذا كان الذي أخبره به من أهل الصِّدق، ويحقِّق هذا قوله:«فاستيقظت وإنَّها لفي يدي» أي: حقيقةً من غير تأويلٍ كما هو ظاهر اللَّفظ، وتكون رؤياه هذه كشفًا كشفه الله تعالى له كرامةً له.
(١) في (ب): «في»، والمثبت موافقٌ لما في «اليونينيَّة».