للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قد قلت لمَّا جاءني فخرُه: … سبحان مِنْ علقمةَ الفاخرِ

ولولا أنَّه عَلَمٌ لوجب صرفه؛ لأنَّ الألف والنُّون في غير الصِّفات إنَّما تمنع مع العلميَّة، ولا يُستعمَل (١) عَلَمًا إلَّا شاذًّا، وأكثر استعماله مضافًا وليس بعَلَمٍ، لأنَّ الأعلام لا تُضاف (﴿الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ﴾) سيِّدنا محمَّدٍ ، و «أسرى» و «سرى» واحدٌ، لكن قال السُّهيليُّ: تسامح اللُّغويُّون في «سرى» و «أسرى» وجعلوهما بمعنًى واحدٍ، واتَّفقت الرُّواة على تسمية الإسراء به إسراءً، ولم يسمِّه أحدٌ منهم «سرى» فدلَّ على أنَّهم لم يحقِّقوا فيه العبارة؛ ولذلك لم يُختلَف في تلاوة «أسرى» دون «سرى» وقال: ﴿وَاللَّيْلِ إِذَا يَسْرِ﴾ [الفجر: ٤] فدلَّ على أنَّ «السَّريَ» من سريتَ إذا سرتَ ليلًا، وهي مُؤنَّثَةٌ، تقول: طالت سراك اللَّيلة، والإسراء متعدٍّ في المعنى، لكن حُذِف مفعوله كثيرًا حتَّى ظنَّ أهل اللُّغة (٢) أنهَّما بمعنًى لِمَا رأوهما غير متعدِّيين في اللَّفظ إلى مفعولٍ، وإنَّما ﴿أَسْرَى بِعَبْدِهِ﴾ أي: جعل البراق يسري به، وحُذِف المفعول للدَّلالة عليه؛ إذ المقصود بالخبر ذكره، لا ذكر الدَّابَّة التي سرت به. انتهى. (﴿لَيْلاً﴾) نُصِب على الظَّرفيَّة، وقيَّده باللَّيل، والإسراء لا يكون إلَّا باللَّيل؛ للتَّأكيد، أو ليدلَّ بلفظ التَّنكير على تقليل مدَّة الإسراء، أو أنَّه أسرى به في بعض اللَّيل من مكَّة إلى الشَّام مدَّة أربعين ليلةً (﴿مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ﴾) رُوِي أنَّه من بيت أمِّ هانئٍ، فالمراد بـ ﴿الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ﴾: الحرم كلُّه؛ لإحاطته بالمسجد والتباسه به، وكان الإسراء به يقظةً؛ إذ لا فضيلة للحالم ولا مزيَّة للنَّائم (﴿إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى﴾ [الإسراء: ١]) هو بيت المقدس لأنَّه لم يكن حينئذٍ وراءه مسجدٌ، وهو معدن الأنبياء من لدن الخليل؛ ولذا جُمِعوا له هناك كلُّهم، فأَمَّهم في محلَّتهم ودارهم؛ ليدلَّ ذلك على أنَّه الرَّئيس المُقدَّم والإمام الأعظم


(١) في (ص) و (م): «تُستعمَل».
(٢) «أهل اللُّغة»: من (م).

<<  <  ج: ص:  >  >>