للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

على الإيواء والنُّصرة وغيرهما (وَقَالَ: بَايَعْنَاهُ) أي: في وقتٍ آخر (عَلَى أَلَّا نُشْرِكَ بِاللهِ شَيْئًا) على ترك الإشراك (وَ) أن (لَا نَسْرِقَ) بحذف المفعول؛ ليدلَّ على العموم (وَ) أن (لَا نَزْنِيَ) بالنَّصب عطفًا على سابقه (وَ) أن (لَا نَقْتُلَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللهُ إِلَّا بِالحَقِّ، وَلَا نَنْتَهِبَ) بنونين الأولى مفتوحةٌ والثَّانية ساكنةٌ ففوقيَّةٌ مفتوحةٌ فهاءٌ مكسورةٌ فمُوحَّدةٌ، ولأبي ذرٍّ عن الكُشْميهَنيِّ «ولا ننهَب» بحذف الفوقيَّة وفتح الهاء، أي: لا نأخذ مال أحدٍ بغير حقٍّ (وَ) أن (لَا نَعْصِيَ) بالعين والصَّاد المُهمَلتين، أي: لا نعصي الله في معروفٍ (بِالجَنَّةِ إِنْ فَعَلْنَا ذَلِكَ) متعلِّقٌ بقوله: «بايعناه» أي: بايعناه على أَلَّا نفعل شيئًا ممَّا ذُكِر (١) بمقابلة الجنَّة، وللكُشْمِيهَنِيِّ «ولا (٢) نقضي» بالقاف والضَّاد المُعجَمة، وهو تصحيفٌ، وتكلَّف بعضهم في تأويله، فقال: نهاهم عن ولاية القضاء، قال في «الفتح»: وهذا يبطله أنَّ عُبادةَ وَلِيَ قضاءَ فلسطين في زمن عمر ، وقيل: إنَّ قوله: «بالجنَّة» متعلِّقٌ بـ «نقضي» أي: لا نقضي بالجنَّة لأحدٍ مُعيَّنٍ، بل الأمر موكولٌ إلى الله تعالى لا حكمَ لنا فيه، لكن يبقى قوله: «إن فعلنا ذلك» لا جواب له (فَإِنْ غَشِينَا) بالغين المفتوحة والشِّين المكسورة المُعجَمتين والتَّحتيَّة السَّاكنة، أي: إن أصبنا (مِنْ ذَلِكَ) المنهيِّ عنه (شَيْئًا؛ كَانَ قَضَاءُ ذَلِكَ) مُفوَّضًا (إِلَى اللهِ) ﷿، إن شاء عفا عنه، وإن شاء عاقبه، وظاهر صنيع المؤلِّف: أنَّ هذه المبايعة وقعت ليلة العقبة، وبه جزم القاضي عياضٌ وآخرون.

وقال ابن حجرٍ: إنَّما هي مبايعةٌ أخرى غير ليلة العقبة، وإنَّما الذي في العقبة: «أن تمنعوني ممَّا تمنعون منه نساءكم وأبناءكم … » إلى آخره، ثمَّ صدرت بعدُ مبايعاتٌ أخرى؛ منها هذه التي ذكر فيها هذه المنهيَّات، ويقوِّي ذلك نزول آية الممتحنة فإنَّها بعد فتح مكَّة، ولقوله في رواية مسلمٍ والنَّسائيِّ: «كما أَخَذَ على النِّساء» بل عند الطَّبرانيِّ من وجهٍ آخر عن الزُّهريِّ: «ثمَّ بايعنا رسول الله على ما بايع عليه النِّساء يوم فتح مكَّة» فظهر أنَّ هذه البيعة إنَّما صدرت بعد نزول الآية، بل بعد صدور بيعة العقبة (٣)، فصحَّ تغاير البيعتين: بيعة الأنصار قبل الهجرة وبيعةٍ أخرى بعد فتح مكَّة، وإنَّما وقع الالتباس من جهة أنَّ عبادة بن الصَّامت حضر


(١) في (م): «ذكره».
(٢) «ولا»: ليس في (ص).
(٣) زاد في «الفتح»: بل بعد فتح مكة.

<<  <  ج: ص:  >  >>