للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الوجلِ (١) لقلَّتكم وذِلَّتكم (٢) (﴿وَمَا النَّصْرُ إِلاَّ مِنْ عِندِ اللّهِ﴾) فليس بكثرة العَدد والعُدد (﴿إِنَّ اللّهَ عَزِيزٌ﴾) يُعِزُّ من يشاءُ بنصرهِ (﴿حَكِيمٌ﴾) فيما شرعَهُ من قتالِ الكفَّار مع القدرةِ على هَلاكهم ودمارِهِم بحولهِ وقوَّته (﴿إِذْ يُغَشِّيكُمُ﴾) أي: اذْكروا إذ، أو بدلٌ ثانٍ لإظهار نعمةٍ ثالثةٍ من ﴿وَإِذْ يَعِدُكُمُ﴾ أي: يُغطِّيكم (﴿النُّعَاسَ أَمَنَةً﴾) نُصب مفعولًا له (﴿مِّنْهُ﴾) يعني: أمنًا من عند الله ﷿، قال ابنُ مسعودٍ رضي الله تعالى عنه: والنُّعاس في القتالِ أَمَنةٌ من الله تعالى، وفي الصَّلاة من الشَّيطان لعنهُ الله تعالى. وقال قتادةُ: النُّعاس في الرَّأس والنَّوم في القلبِ. وقال ابنُ كثير: أما النُّعاس فقد أصابَهم يومَ أحدٍ، وأما يوم بدرٍ فتدلُّ له هذه الآية أيضًا (﴿وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُم مِّن السَّمَاء مَاء لِّيُطَهِّرَكُم بِهِ﴾) من الحدثِ والجنابةِ، وهو طهارةُ الظَّاهر (﴿وَيُذْهِبَ عَنكُمْ رِجْزَ الشَّيْطَان﴾) وسوستَهُ وكيدَهُ، وهو تطهيرُ الباطنِ (﴿وَلِيَرْبِطَ عَلَى قُلُوبِكُمْ﴾ (٣)) بالصَّبر والإقدامِ على مُجَالدة (٤) العدوِّ ووسوسته (٥)، وهو شجاعةُ الباطن (﴿وَيُثَبِّتَ بِهِ الأَقْدَامَ﴾) أي: بالمطرِ حتى لا تَسْوخ في الرَّمل، وهو شجاعةُ الظَّاهر، أو بالرَّبط على القلوبِ حتى تثبتَ في المعركةِ.

وعن ابنِ عباس رضي الله تعالى عنهما قال: نزلَ رسولُ الله -يعني: حين سارَ إلى بدرٍ- والمشركون (٦) بينهم وبين الماء رملةٌ دِعْصَةٌ، فأصابَ المسلمين ضعفٌ شديدٌ، وألقى الشَّيطان في قلوبهم الغيظَ يوسوسُ بينهم: تزعمون أنَّكم أولياءُ اللهِ وفيكم رسولُه، وقد غلبكُم المشركون على الماءِ، وأنتم تصلُّون مُجْنبين، فأمطرَ الله ﷿ عليهم مطرًا شديدًا، فشربَ المسلمونَ وتَطَّهروا، وأذهبَ الله ﷿ عنهم رجزَ الشَّيطان، وانْشَفَّ الرملُ حين أصابهُ المطرُ، ومشى النَّاسُ عليه والدَّوابُّ، فساروا إلى القومِ، وأمدَّ الله ﷿ نبيَّه والمؤمنين بألفٍ من الملائكةِ، فكان (٧)


(١) في (م): «فيزول بها الوجل».
(٢) قوله: «فيزول ما بها من الوجل لقلَّتكم وذلتكم»: ليس في (ص).
(٣) قوله: «﴿وَلِيَرْبِطَ عَلَى قُلُوبِكُمْ﴾»: ليس في (ص).
(٤) في (ص): «مجادلة».
(٥) «ووسوسته»: ليس في (س) و (ص).
(٦) كذا، وفي الطبراني وابن كثير: «المسلمون».
(٧) في (د): «وكان».

<<  <  ج: ص:  >  >>