للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

مظنَّة أن يستحقَّ من (١) الأجر أكثر من ذلك، فأعاد قوله: «فله أجران» إشارةً إلى أنَّ المُعتَبَر من الجهات أمران، وإنَما اعْتُبِر اثنين فقط لأنَّ التَّأديب والتَّعليم يوجبان الأجر في الأجنبيِّ والأولاد وجميع النَّاس، فلم يكن مختصًّا بالإماء، فلم يبق الاعتبار إلَّا في العتق والتَّزوُّج (٢)، وإنَّما ذكر الآخرين (٣) لأنَّ التَّأديب والتَّعليم أكمل للأجر؛ إذ تزوُّجُ المرأةِ المُؤدَّبةِ المُعلَّمة أكثرُ بركةً وأقرب إلى أن تُعِين زوجها على دينه، وعطف بـ «ثمَّ» في العتق وفي السَّابق بالفاء لأنَّ التَّأديب والتَّعليم ينفعان في الوطء، بل لا بدَّ منهما فيه (٤)، والعتق نقلٌ من صنفٍ إلى صنفٍ، ولا يخفى ما بين الصِّنفين من البُعد، بل من الضِّدِّيَّة في الأحكام والمُنافَاة في الأحوال، فناسب لفظًا دالًّا على التَّراخي بخلاف التَّأديب وغيره ممَّا ذُكِرَ، فإن قلت: إذا لم يطأِ الأَمَةَ لكن أدَّبها هل له أجران؟ أُجِيب: بأنَّ المراد تمكُّنه من وطئها شرعًا وإن لم يطأْها. انتهى. وإنَّما عُرِّف «العبد» ونُكِّر «رجلٌ» في الموضعين الأخيرين لأنَّ المُعرَّف بلام الجنس كالنَّكرة في المعنى، وكذا الإتيان في «العبد» بـ «إذا» دون القسم الأوَّل لأنَّها ظرفٌ، و «آمن»: حالٌ، وهي في حكم الظَّرف لأنَّ معنى: جاء زيد راكبًا: في وقت الرُّكوب وحاله، أو (٥) يُقال: في وجه المُخالَفَة الإشعار بفائدةٍ عظيمةٍ (٦) وهي أنَّ الإيمان بنبيِّه لا يفيد في الاستقبال الأجرين، بل لا بدَّ من الإيمان في عهده حتَّى يستحقَّ أجرين بخلاف العبد، فإنَّه في زمان الاستقبال يستحقُّ الأجرين أيضًا، فأتى بـ «إذا» التي للاستقبال، قاله البرماويُّ كالكِرمانيِّ، وتعقَّبه في «الفتح» فقال: هو غير مستقيمٍ لأنَّه مشى فيه مع ظاهر اللَّفظ، وليس مُتَّفقًا عليه بين الرُّواة، بل هو عند المصنِّف وغيره مختلفٌ، فقد عبَّر في «ترجمة عيسى» بـ «إذا» في الثَّلاثة، وعبَّر في «النِّكاح» [خ¦٣٤٤٦] بقوله: «أيُّما رجلٍ» في المواضع الثَّلاثة [خ¦٥٠٨٣] وهي صريحةٌ في التَّعميم، وبقيَّة مباحث الحديث تأتي إن شاء الله تعالى في «الجهاد» [خ¦٣٠١١].


(١) «من»: سقط من (د) و (ص) و (م).
(٢) في (ص) و (م): «التَّزويج».
(٣) في غير (د): «الأخيرين».
(٤) في (ص): «في الوطء». زاد في «اللامع الصبيح»: «فيه وقبله».
(٥) في (ب) و (س): «إذ».
(٦) في (م): «عظمه».

<<  <  ج: ص:  >  >>