للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

يذهبونَ، ونظرَ خالدُ بن الوليدِ إلى خلاءِ الجبلِ وقلَّةِ أهلهِ فكَرَّ بالخيلِ (١)، وتبعَهُ عكرمةُ بن أبي جهلٍ، وحملُوا على من بقيَ من الرُّماةِ فقتلوهُم، وقُتِلَ أميرُهم عبدُ الله بن جُبير، وانتَقَضَت (٢) صفوفُ المسلمين واستدارَتْ رحاهم (٣)، وحالَتِ الرِّيحُ فصارَت دَبُورًا، وكانَتْ قبل ذلك صبًا، ونادَى إبليسُ -لعنه الله-: إنَّ محمدًا قَد قُتِل، واختلطَ المسلمونَ فصارُوا يقتلون على غيرِ شعارٍ، ويضربُ بعضُهم بعضًا، ما يشعرُون بهِ من العجلةِ والدَّهَشِ (فَأُصِيبَ سَبْعُونَ قَتِيلًا) من المسلمين، وذكرهم ابن سيِّد النَّاسِ فزادوا على المئةِ، وقيل: إنَّ السَّبعينَ منَ الأنصارِ خاصَّةً، وثبتَ رسولُ الله ما زالَ (٤) يرمِي عن قوسِه حتَّى صارَت (٥) شظَايَا، ويرمِي بالحجَرِ، وثبتَ معهُ عصابةٌ من أصحابِهِ أربعةَ عشرَ رجلًا، سبعةٌ من المهاجِرين، منهُم أبو بكرٍ الصِّدِّيق، وسبعةٌ من الأنصارِ، وكانَ يوم بلاءٍ وتمحيصٍ، أكرمَ اللهُ فيه (٦) مَن أكرمَ من المسلمين بالشَّهادةِ، حتَّى خلصَ العدوُّ إلى رسولِ الله فقُذِفَ بالحجارةِ حتَّى وقعَ لشقِّه (٧) وأصيبَتْ رَبَاعِيتُه، وشجَّ في (٨) وجههِ، وكُلِمَتْ شفتُهُ، وكان الَّذي أصابَهُ من ضربةٍ، وجعلَ الدَّم يسيلُ على وجههِ.

(وَأَشْرَفَ) اطَّلعَ (أَبُو سُفْيَانَ) صَخرُ بن حَربٍ (فَقَالَ: أَفِي القَوْمِ مُحَمَّدٌ؟) بهمزةِ الاستفهامِ. زادَ ابنُ سعدٍ: «ثلاثًا» (فَقَالَ) النَّبيُّ : (لَا تُجِيبُوهُ. فَقَالَ: أَفِي القَوْمِ ابْنُ أَبِي قُحَافَةَ؟) أبو بكرٍ الصِّدِّيق (قَالَ) : (لَا تُجِيبُوهُ. فَقَالَ: أَفِي القَوْمِ ابْنُ الخَطَّابِ؟) عُمر، ثمَّ أقبلَ أبو سفيان على أصحابِهِ (فَقَالَ: إِنَّ هَؤُلَاءِ قُتِلُوا) وقَد كفيتُمُوهم (فَلَوْ كَانُوا أَحْيَاءً لأَجَابُوا، فَلَمْ يَمْلِكْ عُمَرُ نَفْسَهُ، فَقَالَ) لهُ: (كَذَبْتَ يَا عَدُوَّ اللهِ) إنَّ الَّذي (٩) عددتَ لأحياءٌ كلُّهم، وقد


(١) في (ص): «وكرب الخيل».
(٢) في (ص) و (م): «انقضت».
(٣) في (م): «رحالهم».
(٤) في (د) و (ب): «يزول».
(٥) في (ص): «صار».
(٦) في (د): «أكرم فيه». و «فيه»: ليست في (ص).
(٧) في (ص): «لشقيه».
(٨) «في»: ليست في (ص) و (م).
(٩) في (س): «الذين».

<<  <  ج: ص:  >  >>