للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

«أسعدُ النَّاس (١)»، و «مَنْ»: موصولةٌ، أي: الذي قال: (لَا إِلَهَ إِلَّا الله) مع قوله: «محمَّدٌ رسول الله» حال كونه (خَالِصًا) مِنَ الشِّرك، زاد في رواية الكُشْمِيهَنيِّ وأبي الوقت: «مخلصًا» (مِنْ قَلْبِهِ أَوْ نَفْسِهِ) شكٌّ من الرَّاوي، وقد يكتفى بالنُّطق بأحد الجزأين من كلمتي الشهادة لأنَّه صار شعارًا لمجموعهما، فإن قلت: الإخلاص محلُّه القلب، فما فائدة قوله (٢): «من قلبه»؟ أُجِيب: بأنَّ الإتيان به للتَّأكيد، ولو صدق بقلبه ولم يتلفَّظ دخل في هذا الحكم، لكنَّا لا نحكم عليه بالدُّخول إلَّا إن تلفَّظ (٣)، فهو للحكم باستحقاق الشفاعة لا لنفس الاستحقاق، واستُشكِل التَّعبير بـ «أَفْعَل» التَّفضيل في قوله: «أَسْعَد» إذ مفهومه: أنَّ كلًّا من الكافر الذي لم ينطق بالشهادتين (٤) والمنافق الذي نطق بلسانه دون قلبه أن يكون سعيدًا، وأُجِيب: بأنَّ «أَفْعَلَ» هنا ليست على بابها، بل بمعنى: سعيد النَّاس مَنْ نطق بالشَّهادتين، أو تكون «أفعل» على بابها، والتَّفضيل بحسب المراتب، أي: هو أسعد ممَّن لم (٥) يكن في هذه المرتبة من الإخلاص المُؤكَّد البالغ غايته، والدَّليل على إرادة تأكيده ذكر القلب؛ إذِ الإخلاص محلُّه القلب، ففائدته التَّأكيد كما مرَّ، وقال البدر الدَّمامينيُّ: حمله ابن بطَّالٍ -يعني قوله: «مخلصًا» - على الإخلاص العامِّ الذي هو من لوازم التَّوحيد، وردَّه ابن المُنَيِّر: بأنَّ هذا لا يخلو عنه مؤمنٌ، فتتعطَّل صيغة «أَفْعَل»، وهو لم يسأله عمَّن يستأهل شفاعته، وإنما سأله عن أسعد النَّاس بها، فينبغي أن يُحمَل على إخلاصٍ خاصٍّ مُختَصٍّ ببعضٍ دون بعضٍ، ولا يخفى تفاوت رتبه، والحديث يأتي إن شاء الله تعالى في «صفة الجنَّة والنَّار» من «كتاب الرِّقاق» [خ¦٦٥٧٠]، والله أعلم (٦).


(١) «النَّاس»: سقط من (د).
(٢) «قوله»: سقط من (د).
(٣) في (د): «أن يتلفَّظ».
(٤) في (د) و (ص): «بالشَّهادة».
(٥) «لم»: سقط من (ص).
(٦) قوله: «من كتاب الرِّقاق، والله أعلم» سقط من (د).

<<  <  ج: ص:  >  >>