عِقَاصِهَا) بكسر العين وبالقاف، الخيطُ الَّذي يُعْتَقَصُ به أطرافُ الذَّوائبِ، أو الشَّعر المضفور (فَأَتَيْنَا بِهِ رَسُولَ اللهِ ﷺ) فقرئَ (فَإِذَا فِيهِ: مِنْ حَاطِبِ بْنِ أَبِي بَلْتَعَةَ إِلَى نَاسٍ) صفوانُ بنُ أميَّةَ وسُهَيلُ بنُ عَمرو وعِكرمةُ بنُ أبي جهلٍ، ولأبي ذرٍّ عن الكُشمِيهنيِّ «إِلى أُناسٍ» (بِمَكَّةَ مِنَ المُشْرِكِينَ، يُخْبِرُهُمْ بِبَعْضِ أَمْرِ رَسُولِ اللهِ ﷺ) وسبق لفظ الكتاب في «الجهاد» [خ¦٣٠٠٧] (فَقَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: يَا حَاطِبُ، مَا هَذَا؟) سقط قوله «رسولُ اللهِ ﷺ» لأبي ذرٍّ وأبي الوقتِ وابن عساكرٍ (قَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، لَا تَعْجَلْ عَلَيَّ، إِنِّي كُنْتُ امْرَأً مُلْصَقًا) بفتح الصاد (فِي قُرَيْشٍ -يَقُولُ: كُنْتُ حَلِيفًا) بالحاء المهملة والفاء (وَلَمْ أَكُنْ مِنْ أَنْفُسِهَا- وَكَانَ مَنْ مَعَكَ مِنَ المُهَاجِرِينَ مَنْ لَهُمْ قَرَابَاتٌ) بالجمع (يَحْمُونَ) بها (أَهْلِيهِمْ وَأَمْوَالَهُمْ، فَأَحْبَبْتُ إِذْ) أي: حين (فَاتَنِي ذَلِكَ مِنَ النَّسَبِ فِيهِمْ أَنْ أَتَّخِذَ عِنْدَهُمْ يَدًا) أي: منَّةً عليهم (يَحْمُونَ) بها (قَرَابَتِي) وعندَ ابن إسحاقَ: «وكان لي عندَهُم ولدٌ وأهلٌ، فصانعتُهُم عليه» وعند الواقديِّ بسندٍ له مرسلٌ: «أنَّ حاطبًا كتبَ إلى سُهَيلِ بنِ عَمرو وصَفوانَ بنِ أميَّةَ وعكرمةَ: أنَّ رسول الله ﷺ أذن في النَّاس بالغزوِ، ولا أراهُ يريدُ غيرَكُم، وقد أحببتُ أن يكون لي عندكم يدٌ» (وَلَمْ أَفْعَلْهُ ارْتِدَادًا عَنْ دِينِي وَلَا رِضًا بِالكُفْرِ بَعْدَ الإِسْلَامِ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: أَمَا) بالتخفيف (إِنَّهُ قَدْ صَدَقَكُمْ) بتخفيف الدال، قال الصِّدق (فَقَالَ عُمَرُ) بنُ الخطَّاب على عادةِ شدَّته في دينِ الله: (يَا رَسُولَ اللهِ، دَعْنِي أَضْرِبْ عُنُقَ هَذَا المُنَافِقِ) أطلقَ عليه ذلك؛ لأنَّه أبطن خلاف ما أظهرَ، لكن عذرهُ النَّبيُّ ﷺ لأنه كان متأوِّلًا أن لا ضررَ فيما فعله (فَقَالَ) ﵊ -مرشدًا إلى علَّة عدم قتلهِ-: (إِنَّهُ قَدْ شَهِدَ بَدْرًا) وكأنَّه قال: وهل شهودُ بدرٍ يسقطُ عنه الذَّنب الكبيرَ؟ فأجابه بقوله: (وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ اللهَ اطَّلَعَ عَلَى مَنْ شَهِدَ بَدْرًا قَالَ) ولأبي ذرٍّ والأَصيليِّ وابن عساكرٍ «فقالَ» أي: مُخاطبًا لهم خطابَ إكرامٍ: (اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ) في المستقبلِ (فَقَدْ غَفَرْتُ لَكُمْ) والمرادُ: المغفرة في الآخرةِ، فلو صدر من أحدٍ منهم ما يوجبُ الحدَّ مثلًا اقتصَّ منه، ومباحثُ هذا سبقت في «الجهاد» [خ¦٣٠٠٧].
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute