للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أنسٌ أن توقِّيه من التَّحديث لم يكن للامتناع من أصل التَّحديث؛ للأمر بالتَّبليغ، وإنَّما هو؛ لخوف الإكثار المفضي إلى الخطأ، وقد ذهب الجوينيُّ إلى كفرِ مَنْ كَذَبَ متعمِّدًا عليه صلوات الله وسلامه عليه، وردَّ (١) عليه ولده إمام الحرمين، وقال: إنَّه من هفوات والده (٢)، وتبعه من بعده فضعَّفوه، وانتصر له ابن المُنَيِّر: بأنَّ خصوصيَّة الوعيد توجب ذلك؛ إذ لو كان بمُطلَق النَّار لكان كلُّ كاذبٍ كذلك، عليه وعلى غيره، فإنَّما الوعيد بالخلود، قال (٣): ولهذا قال (٤): «فليتبوَّأ» أي: فَلْيَتَّخِذْهَا مَبَاءَةً ومَسْكَنًا، وذلك هو الخلود، وبأنَّ الكاذب عليه في تحليل حرامٍ مثلًا لا ينفكُّ عن استحلال ذلك الحرام، أو الحمل على استحلاله، واستحلال الحرام كفرٌ، والحمل على الكفر كفرٌ، وأُجِيب عن الأوَّل: بأنَّ دلالة التَّبوُّؤ على الخلود غير مُسلَّمةٍ، ولو سُلِّمَ، فلا نُسلِّم (٥) أنَّ الوعيد بالخلود مُقتَضٍ للكفر بدليل متعمِّد القتل الحرام، وأُجِيب عن الثَّاني: بأنَّا لا نسلِّم أنَّ الكذب عليه ملازمٌ لاستحلاله أو (٦) لاستحلال مُتعلّقه، فقد يكذب عليه في تحليل حرامٍ مثلًا، مع قطعه بأنَّ الكذب عليه حرامٌ، وأنَّ ذلك الحرام ليس بِمُسْتَحَلٍّ، كما تُقْدِمُ العصاة من المؤمنين على ارتكابهم الكبائر مع اعتقادهم حرمتها. انتهى.


(١) في غير (د): «وردَّه».
(٢) في (ص): «ولده»، وهو تحريفٌ.
(٣) «قال»: سقط من (ص).
(٤) «قال»: سقط من (م).
(٥) في (م): «يُسلِّم».
(٦) في غير (ص): «ولا».

<<  <  ج: ص:  >  >>