عَلَى النَّبِيِّ ﷺ أَنَّهُ لَمْ يُوَلِّ) لم ينهزم (وَلَكِنْ عَجِلَ) بكسر الجيم مخففًا (سَرَعَانُ القَوْمِ) بفتح السين المهملة والراء وقد تسكَّن، أوائلُهم الَّذين يسارعون إلى الشَّيء ويُقبلون (١) عليه بسرعةٍ (فَرَشَقَتْهُمْ) بالشين المعجمة والقاف، أي: رمَتْهُم (هَوَازِنُ) القبيلةُ المعروفةُ، وكانوا رماةً، وكان المسلمونَ قد حملوا على العدوِّ فانكشفوا، فأقبل المسلمون على الغنائمِ، فاستقبلهم هوازنُ ما يكاد يسقط لهم سهمٌ، فرشقوهُم رَشْقًا ما يكادون يخطؤون (وَأَبُو سُفْيَانَ بْنُ الحَارِثِ) بنِ عبدِ المطَّلب ابنُ عمِّ النَّبيِّ ﷺ(آخِذٌ بِرَأْسِ بَغْلَتِهِ)ﷺ(البَيْضَاءِ) التي أهدَاها له فروةُ بنُ نُفَاثةَ على الصَّحيح حال كونه (يَقُولُ: أَنَا النَّبِيُّ لَا كَذِبْ) فلا أنهزمُ؛ لأنَّ الله ﷿ قد وعدَني بالنَّصر (أَنَا ابْنُ عَبْدِ المُطَّلِبْ) فيه دليلُ جوازِ قول الإنسان في الحربِ: أنا فلانٌ وأنا ابنُ فلانٍ، أو مثل ذلك.
وهذا الحديث قد سبق في «باب بغلة النَّبيِّ ﷺ البيضاء» من «الجهاد»[خ¦٢٨٧٤].
٤٣١٦ - وبه قال:(حَدَّثَنَا أَبُو الوَلِيدِ) هشامُ بنُ عبدِ الملكِ قال: (حَدَّثَنَا شُعْبَةُ) بنُ الحجَّاجِ (عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ) السَّبِيعِيِّ، أنَّه قال:(قِيلَ لِلْبَرَاءِ) بنِ عازبٍ ﵁(وَأَنَا أَسْمَعُ: أَوَلَّيْتُمْ مَعَ النَّبِيِّ ﷺ يَوْمَ حُنَيْنٍ؟) بصيغة الجمع في «أَوَلَّيْتُم» الشَّاملة لكلِّهم (فَقَالَ) البراءُ مجيبًا للسَّائل بجوابٍ بديعٍ متضمِّن لإثباتِ الفرارِ لهم، لكن لا على جهة التَّعميم:(أَمَّا النَّبِيُّ ﷺ فَلَا) أي: لم يفرَّ (كَانُوا) أي: هوازن (رُمَاةً) فرشقوا بالنَّبل رشقًا فولَّينا (فَقَالَ) النَّبيُّ ﷺ وهو ثابتٌ لم يَبرح: (أَنَا النَّبِيُّ لَا كَذِبْ) أي: لست بكاذبٍ فيما أقولُ حتَّى أنهزمَ، بل أنا متيقِّنٌ بنصرِ الله ﷿(أَنَا ابْنُ عَبْدِ المُطَّلِبْ) فانتسبَ إلى جدِّه دون أبيه عبد الله لشهرتهِ؛ لِمَا رُزِقَهُ من نباهةِ الذِّكر
(١) في (م): «يصلون» وكتب على هامشه: في نسخة: «يقبلون».