(كَانَتْ هَوَازِنُ رُمَاةً، وَإِنَّا لَمَّا حَمَلْنَا عَلَيْهِمِ انْكَشَفُوا) أي: انهزموا (فَأَكْبَبْنَا) بموحدتين الأولى مفتوحة والثانية ساكنة بعدها نون، أي: وقعنا (عَلَى الغَنَائِمِ) وفي «الجهاد»[خ¦٢٨٦٤] فأقبلَ النَّاس على الغنائم (فَاسْتُقْبِلْنَا) بضم التاء وكسر الموحدة، أي: استقبلَهُم هوازن (بِالسِّهَامِ) أي: فولَّينا، قال الطَّبريُّ: الانهزام المنهيُّ عنه هو ما يقع على غير نيَّة العودِ، وأمَّا الاستطرادُ للكثرةِ فهو كالمتحيِّز إلى فئةٍ (وَلَقَدْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ) ولأبي ذرٍّ «النَّبيَّ»(ﷺ عَلَى بَغْلَتِهِ البَيْضَاءِ) وعند مسلمٍ من حديث سلمةَ: «على بغلتهِ الشَّهباء» وعند ابنِ سعدٍ ومن تبعه: «على بغلتهِ دُلْدُل».
قال الحافظُ ابن حجرٍ: وفيه نظرٌ؛ لأنَّ دُلْدل أهداهَا له المُقَوْقس؛ يعني: لأنَّه ثبت في «صحيح مسلم» من حديث العبَّاس: «وكان على بغلةٍ بيضاء، أهداها له فروةُ بنُ نُفَاثة الجُذَاميُّ»، قال القطبُ الحلبيُّ: فيحتمل أن يكون يومئذٍ ركبَ كلًّا من البغلتين إن ثبت أنَّها كانت صحبتْهُ، وإلَّا فما في «الصَّحيح» أصحُّ. انتهى.
وفي ركوبه ﷺ البغلة يومئذٍ دَلالةٌ على فرط شجاعتهِ وثباتهِ.
(وَإِنَّ أَبَا سُفْيَانَ) زاد أبو ذرٍّ «ابنَ الحارثِ»(آخِذٌ) كذا في «اليونينية» وغيرها، وفي الفَرْع:«لآخذٌ»(بِزِمَامِهَا) وفي مسلمٍ عنِ العبَّاس: «ولَّى المسلمونَ مُدبرين، فطفقَ رسولُ الله ﷺ يَرْكضُ بغلتَهُ قِبَلَ الكفَّار. قال العبَّاس: وأنا آخذٌ بلجامِ بغلةِ رسولِ الله ﷺ أكفُّها إرادةَ أنْ لا تُسْرعَ، وأبو سفيانَ آخذٌ بركابهِ» فلعلَّهما تناوبا ذلكَ (وَهْوَ)﵊(يَقُولُ): (أَنَا النَّبِيُّ لَا كَذِبْ) لم يذكر الشَّطر الثَّاني في هذه الرِّواية، وقد كان بعضُ أهل العلم -فيما حكاه السَّفاقسِيُّ- يفتح الباء من قوله:«لا كذبَ» ليخرجه عن الوزن، وقد أجيبَ عن هذا بأنَّه خرجَ منه ﵊ هكذا موزونًا، ولم يقصدْ به الشِّعر، أو أنَّه لغيره وتمثَّل هو ﵊ به، وأنَّه كان:
أنْتَ النَّبيُّ لا كَذِبْ … أنْتَ ابنُ عبدِ المطَّلبْ
فذكره بلفظ:«أنا» في الموضعين.
(قَالَ إِسْرَائِيلُ) بنُ يونسَ بنِ أبي إسحاق السَّبيعيُّ، ممَّا وصله المؤلِّف في «الجهاد»[خ¦٢٨٦٤](وَزُهَيْرٌ) هو ابنُ معاويةَ الجعفيُّ، ممَّا وصله في «باب من صفَّ أصحابه عند الهزيمة»[خ¦٢٩٣٠]