للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

(فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ) الصِّدِّيق : (لَاهَا اللهِ) بقطع الهمزة ووصلها وكلاهما مع إثبات ألف «ها» وحذفها، فهي أربعة: النُّطق بلام بعد «ها» التَّنبيه من غيرِ ألفٍ ولا همزٍ، وبألفٍ من غير همزٍ، وبالألف وقطع الجلالةِ، وبحذف الألف وثبوت همزةِ القطعِ، والمشهور في الرِّواية: الأوَّل والثَّالث، أي: لا والله (إِذًا) بالتنوين وكسر الهمزة، ومباحث هذا بتمامها سبقت في «باب من لم يخمِّسِ الأسلاب» [خ¦٣١٤٢]. وقال في «شرح المشكاة»: هو كقولك لمن قال لك: افعلْ كذا، فقلت: لا والله، إذًا لا أفعل، فالتَّقدير: إذًا (لَا يَعْمِدُ) بكسر الميم، أي: لا يقصدُ (إِلَى أَسَدٍ مِنْ أُسْدِ اللهِ) بضم الهمزة وسكون السين في الثَّاني، أي: إلى رجُل كأنَّه أسدٌ في الشَّجاعة (يُقَاتِلُ عَنِ اللهِ وَرَسُولِهِ ) أي: بسببها (فَيُعْطِيَكَ سَلَبَهُ) أي: سلبَ الَّذي قتله بغير طيبِ نفسه (فَقَالَ النَّبِيُّ : صَدَقَ) أبو بكرٍ (فَأَعْطِهِ) بهمزة قطع.

قال الحافظُ أبو عبدِ الله الحميديُّ الأندلسيُّ: سمعتُ بعضَ أهل العلمِ يقولُ عند ذكر هذا الحديث: لو لم يكنْ من فضيلةِ الصِّدِّيق إلَّا هذا، فإنَّه بثاقبِ علمه، وشدَّة صرامتهِ، وقوَّة إنصافهِ، وصحَّة توفيقهِ، وصدقِ تحقيقهِ بادرَ إلى القولِ الحقِّ، فزجرَ وأفتى، وحكمَ وأمضى، وأخبرَ في الشَّريعة عنه بحضرتهِ وبين يديهِ بما صدَّقه فيه، وأجراهُ على قوله، وهذا من خصائصهِ الكبرى، إلى ما لا يُحصى من فضائلهِ الأخرى.

قال أبو قتادةَ: (فَأَعْطَانِيهِ) أي: السَّلب (فَابْتَعْتُ) أي: اشتريتُ (بِهِ مَخْرَفًا) بفتح الميم والراء بينهما خاء معجمة ساكنة وبعد الراء فاء، أي: بستانًا (فِي بَنِي سَلِمَةَ) بكسر اللام، بطنٌ من الأنصار (فَإِنَّهُ) بالفاء، ولأبي ذرٍّ «وإنَّه» (لأَوَّلُ مَالٍ تَأَثَّلْتُهُ) اقتنيتُهُ (فِي الإِسْلَامِ).

وعند أحمدَ عن أنسٍ: أنَّ هوازنَ جاءت يومَ حُنين … فذكر القصَّة. قال: فهزمَ الله المشركين، فلم يُضربْ بسيفٍ، ولم يُطعنْ برُمْحٍ، وقال رسول الله يومئذٍ: «من قتلَ كافرًا فله سلبه» فقتل أبو طلحةَ يومئذ عشرين راجلًا وأخذ أسلابَهُم، وقال أبو قتادةَ: إنِّي قتلتُ (١) رجلًا على حبلِ العاتقِ وعليه درعٌ فأعجلتُ عنه. فقام رجلٌ فقال: أخذتها، فأرضه منها. وكان رسول الله لا يُسأل شيئًا إلَّا أعطاه أو سكتَ، فسكتَ فقال عمر: لا يفيئها اللهُ على أسدٍ من أُسْده ويعطيكَها.


(١) عند «أحمد»: «ضربتُ»، وهو الذي في «الفتح».

<<  <  ج: ص:  >  >>