أَقُولُ لَهُ: أَلَا) بالتخفيف (تَسْتَحِي) بكسر الحاء المهملة، ولأبي ذرٍّ «تستحيِي» بسكونها وزيادة تحتية مكسورة، أي: من فراركَ (أَلَا تَثْبُتُ) عند اللِّقاءِ (فَكَفَّ) عن التَّولِّي (فَاخْتَلَفْنَا ضَرْبَتَيْنِ بِالسَّيْفِ فَقَتَلْتُهُ، ثُمَّ قُلْتُ لأَبِي عَامِرٍ: قَتَلَ اللهُ صَاحِبَكَ. قَالَ: فَانْزِعْ هَذَا السَّهْمَ) بوصل الهمزة وكسر الزاي (فَنَزَعْتُهُ، فَنَزَا) بالنون والزاي من غير همزٍ، أي: انصبّ (مِنْهُ) من موضع السَّهم (المَاءُ. قَالَ: يَا ابْنَ أَخِي، أَقْرِئِ النَّبِيَّ ﷺ السَّلَامَ) عنِّي (وَقُلْ لَهُ: اسْتَغْفِرْ لِي) كذا بالياء مصحَّحًا عليه بالفَرْع كأصله، و «استغفرْ» بلفظ الطَّلب، والمعنى: أنَّ أبا عامرٍ سألَ أبا موسى أن يسألَ له النَّبيَّ ﷺ أن يستغفرَ له. قال أبو موسى: (وَاسْتَخْلَفَنِي أَبُو عَامِرٍ عَلَى النَّاسِ) أميرًا (فَمَكَثَ يَسِيرًا ثُمَّ مَاتَ) ﵁، ثمَّ قاتلهم أبو موسى حتَّى فتح الله ﷿ عليه. قال: (فَرَجَعْتُ فَدَخَلْتُ عَلَى النَّبِيِّ ﷺ فِي بَيْتِهِ) حال كونه (عَلَى سَرِيرٍ مُرْمَلٍ) بضم الميم الأولى وفتح الثانية بينهما راء ساكنة، ولأبي ذرٍّ «مرَمَّل» بفتح الراء والميم الثانية مشددة، منسوجٍ بحبل ونحوه (وَعَلَيْهِ فِرَاشٌ) نقل السَّفاقسيُّ عن الشَّيخ أبي الحسن أنَّه قال: الذي أحفظهُ في هذا: ما عليهِ فراشٌ. قال: وأرى أنَّ «ما» سقطتْ هنا (قَدْ أَثَّرَ رِمَالُ السَّرِيرِ بِظَهْرِهِ وَجَنْبَيْهِ) بفتح الموحدة على التثنية (١) (فَأَخْبَرْتُهُ بِخَبَرِنَا وَخَبَرِ أَبِي عَامِرٍ وَ) أنَّه (قَالَ: قُلْ لَهُ) ﷺ (اسْتَغْفِرْ لِي، فَدَعَا) ﵊ (بِمَاءٍ فَتَوَضَّأَ، ثُمَّ رَفَعَ يَدَيْهِ فَقَالَ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِعُبَيْدٍ أَبِي عَامِرٍ، وَرَأَيْتُ بَيَاضَ إِبْطَيْهِ) فيه: رفعُ اليدين في الدُّعاء، خلافًا لمن خصَّه بالاستسقاءِ (ثُمَّ قَالَ) ﷺ: (اللَّهُمَّ اجْعَلْهُ) في المرتبة (يَوْمَ القِيَامَةِ فَوْقَ كَثِيرٍ مِنْ خَلْقِكَ مِنَ النَّاسِ) بيانٌ لسابقهِ؛ لأنَّ الخلق أعمُّ، ولأبي ذرٍّ «ومن النَّاس» قال أبو موسى: (فَقُلْتُ: وَلِي فَاسْتَغْفِرْ) يا رسول الله (فَقَالَ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِعَبْدِ اللهِ بْنِ قَيْسٍ ذَنْبَهُ، وَأَدْخِلْهُ يَوْمَ القِيَامَةِ مَُدْخَلًا كَرِيمًا) ويجوز فتح ميم «مدخلًا»، وكلاهما بمعنى المكان والمصدر. و «كريمًا»: حسنًا.
(قَالَ أَبُو بُرْدَةَ) عامرٌ بالسَّند السَّابق: (إِحْدَاهُمَا) أي: الدَّعوتان (لأَبِي عَامِرٍ، وَالأُخْرَى لأَبِي مُوسَى).
(١) في (ص): «المثلثة».
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute