للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

تعالى (فَإِذَا رَأَيْتُ رَبِّي … مِثْلَهُ) أي: أفعل مثل ما سبق من السُّجود، ورفع الرَّأس، وغيره (ثُمَّ أَشْفَعُ، فَيَحُدُّ لِي حَدًّا) كأن يقول: شفَّعتك فيمن زنى، أو فيمن شرب الخمر مثلًا (فَأُدْخِلُهُمُ الجَنَّةَ (١)، ثُمَّ أَعُودُ الرَّابِعَةَ فَأَقُولُ: مَا بَقِيَ فِي النَّارِ إِلَّا مَنْ حَبَسَهُ القُرْآنُ) أي: حكم بحبسه أبدًا (وَوَجَبَ عَلَيْهِ الخُلُودُ) وهم الكفَّار (قَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ) البخاريُّ: (إِلَّا مَنْ حَبَسَهُ القُرْآنُ؛ يَعْنِي: قَوْلَ اللهِ تَعَالَى) أي: في الكفَّار: (﴿خَالِدِينَ فِيهَا﴾ [البقرة: ١٦٢]) وسقط لأبي ذرٍّ لفظ «إلَّا من» واستُشكل سياق هذا الحديث من جهة كون المطلوب الشَّفاعة؛ للإراحة من موقف العرصات؛ لِمَا يحصل لهم من ذلك الكرب الشَّديد، لا للإخراج (٢) من النَّار، وأجيب بأنَّه قد انتهت حكاية الإراحة عند لفظ «فيؤذن لي» وما بعده هو زيادةٌ على ذلك، قاله الكِرمانيُّ، وقال الطِّيبيُّ: لعلَّ المؤمنين صاروا فرقتين؛ فرقةً سيق بهم إلى النَّار من غير توقُّفٍ، وفرقةً حُبِسوا في المحشر واستَشْفعوا به ، فخلَّصهم ممَّا هم فيه وأدخلهم الجنَّة، ثمَّ شرع في شفاعة الدَّاخلين النَّار زُمَرًا بعد زُمَرٍ، كما دلَّ عليه قوله: «فيَحدُّ لي حدًّا … » إلى آخره، فاختَصَر الكلام، وقال في «فتوح الغيب»: إيراد قصَّةٍ واحدةٍ في مقاماتٍ متعدِّدةٍ بعباراتٍ مختلفةٍ وأنحاءٍ شتًّى بحيث لا تغيير ولا تناقض ألبتَّة من فصيح الكلام وبليغه، وهو بابٌ من (٣) الإيجاز المختصِّ بالإعجاز، ويحتاج في التَّوفيق إلى قانونٍ يُرجَع إليه، وهو أن يُعمَد (٤) إلى الاقتصاصات المتفرِّقة ويُجعل لها أصلٌ بأن يؤخذ من المباني ما هو أجمع للمعاني، فما نقص فيه من تلك المعاني شيءٌ يُلحق به. انتهى. وقال في «شرح المشكاة»: أو يُراد بالنَّار: الحبس والكربة (٥)، وما يكونون فيه من الشِّدَّة، ودنوِّ الشَّمس إلى رؤوسهم وحرِّها وإلجامهم بالعرق، وبالخروج: (٦) الخلاص منها.

وهذا الحديث يأتي إن شاء الله تعالى في «التَّوحيد» [خ¦٧٥١٠]، وأخرجه مسلمٌ في «الإيمان»، والنَّسائيُّ في «التَّفسير»، وابن ماجه في «الزُّهد».


(١) زيد في (ب) و (س): «ثمَّ أعود الثَّالثة».
(٢) في (ص): «الإخراج».
(٣) في (م): «من باب».
(٤) في (د) و (م): «يعتمد».
(٥) في (د): «والكرب».
(٦) زيد في (س) و (ص): «إلى».

<<  <  ج: ص:  >  >>