للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

والمعنى: لولا أنَّ الله تعالى ذمَّ الكاتمين للعلم لما حدَّثتكم أصلًا، لكن لمَّا كان الكِتمان حرامًا وجب الإظهار؛ فلذا (١) حَصلتِ الكثرة عنده، ثمَّ ذكر سبب الكثرة بقوله: (إِنَّ إِخْوَانَنَا) جمع أخٍ، ولم يقل: إخوانه (٢) ليعود الضَّمير على أبي هريرة لغرض الالتفات، وعدل عن الإفراد إلى الجمع لقصد نفسه وأمثاله من أهل الصُّفَّة، وحذفُ العاطفِ على جعلِهِ جملةً استئنافيَّةً، كالتَّعليل للإكثار جوابًا للسُّؤال عنه، والمُرَاد: أخوَّة الإسلام (مِنَ المُهَاجِرِينَ) الذين هاجروا من مكَّة إلى المدينة (كَانَ يَشْغَلُهُمُ) بفتح أوَّله وثالثه مِنَ الثُّلاثيِّ، وحُكِيَ: ضمُّ أوَّله مِنَ الرُّباعيِّ، وهو شاذٌّ (الصَّفْقُ بِالأَسْوَاقِ) بفتح الصَّاد وإسكان الفاء، كنايةٌ عن التَّبايع لأنَّهم كانوا يضربون فيه يدًا بيدٍ عند المُعاقَدَة، وسُمِّيتِ السُّوق لقيام النَّاس فيها على سوقهم (وَإِنَّ إِخْوَانَنَا مِنَ الأَنْصَارِ) الأوس والخزرج (كَانَ يَشْغَلُهُمُ العَمَلُ فِي أَمْوَالِهِمْ) أي: القيام على مصالح زرعهم (وَإِنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ) عدل عن قوله: «وإنِّي» لقصد الالتفات (كَانَ يَلْزَمُ رَسُولَ اللهِ بِشِبَعِ بَطْنِهِ) كذا للأَصيليِّ: بمُوحَّدةٍ في أوَّله، وفي رواية الأربعة: «لشبع (٣)» باللَّام، وكلاهما للتَّعليل، أي: لأجل شبع بطنه، وهو بكسر الشِّين المُعجَمَة وفتح المُوحَّدة، وعن ابن دُرَيدٍ إسكانها، وعن غيره الإسكان؛ اسمٌ لِمَا أشبعك من الشَّيء، وفي رواية ابن عساكر في نسخةٍ: «ليشبع (٤) بطنه» بلام «كي»، و «يشبعَ» بصورة المضارع المنصوب، والمعنى أنَّه كان


(١) في (ب) و (س): «فلذلك».
(٢) في (ص): «إخواته»، وهو تصحيفٌ.
(٣) «لشبع»: ليس في (ب) و (س).
(٤) في (ص): «لشبع»، وهو خطأ.

<<  <  ج: ص:  >  >>