الإجماع على مشروعيَّة الطَّواف بهما في الحجِّ والعمرة، واختُلِف في وجوبه؛ فعن مالكٍ والشَّافعيِّ أنَّه ركنٌ؛ لقوله ﵊:«اسعَوا فإنَّ الله كتب عليكم السَّعي» رواه أحمد، وعن الإمام أحمد أنَّه سنَّةٌ لقوله تعالى: ﴿فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ﴾ فإنَّه يُفهَم منه التَّخيير، وهو ضعيفٌ؛ لأنَّ نفي الجناح يدلُّ على الجواز الدَّاخل في معنى الوجوب، فلا يدفعه، وعن أبي حنيفة أنَّه واجبٌ يُجبَر بالدَّم (﴿وَمَن تَطَوَّعَ خَيْرًا﴾) فَعَلَ طاعةً، و ﴿خَيْرًا﴾: نُصِبَ على أنَّه صفة مصدرٍ محذوفٍ، أي: تطوُّعًا خيرًا (﴿فَإِنَّ اللّهَ شَاكِرٌ﴾) يقبل اليسير ويعطي الجزيل، أو شاكرٌ (١) بقبول أعمالكم (﴿عَلِيمٌ﴾ [البقرة: ١٥٨]) بالثَّواب، لا يخفى عليه طاعتكم.
(﴿شَعَآئِرِ﴾) ولأبي ذرٍّ: «الشَّعاير»: (عَلَامَاتٌ، وَاحِدَتُهَا: شَعِيرَةٌ) وهي العلامة، والأجود في «شعائر» الهمزة، عكس ﴿مَعَايِشَ﴾ [الأعراف: ١٠].
(وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ) رضي الله تعالى عنهما فيما وصله الطَّبريُّ من طريق عليِّ بن أبي طلحة عنه: (الصَّفْوَانُ: الحَجَرُ، وَيُقَالُ: الحِجَارَةُ المُلْسُ) بضمِّ الميم وسكون اللَّام، جمع أملس:(الَّتِي لَا تُنْبِتُ شَيْئًا) أبدًا، كذا قاله أهل اللُّغة (وَالوَاحِدَةُ) أي: واحدة الصَّفوان (صَفْوَانَةٌ؛ بِمَعْنَى: الصَّفَا، وَالصَّفَا) بالقصر (لِلْجَمِيعِ) وهي الصَّخرة الصَّمَّاء، وألف «الصفا» عن واوٍ؛ لقولهم: صفوان، والاشتقاق يدلُّ عليه؛ لأنَّه من الصَّفو، وسقط للحَمُّويي من قوله:«وقال ابن عبَّاسٍ … » إلى آخره.