للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أن يكون أخَّرها نسيانًا؛ لاشتغاله بأمر العدوِّ، وكان هذا قبل نزول صلاة الخوف (مَلأَ اللهُ قُبُورَهُمْ وَبُيُوتَهُمْ) أي: مكان بيوتهم (أَوْ أَجْوَافَهُمْ -شَكَّ يَحْيَى) بن سعيدٍ القطَّان- (نَارًا).

وقد اختلف السَّلف والخلف في تعيين الصَّلاة الوسطى؛ قال التِّرمذيُّ والبغويُّ: أكثر علماء الصَّحابة وغيرهم أنَّها العصر، وقال الماورديُّ: إنَّه قول جمهور التَّابعين، وحكاه الدِّمياطيُّ عن عمر وعليٍّ وابن مسعودٍ وأبي أيُّوب وابن عمرٍو وسَمُرة بن جُندَُبٍ وأبي هريرة، وأبي سعيدٍ، وحفصة، وأمِّ حبيبة، وأمِّ سلمة، وهو مذهب أحمد، وقال ابن المنذر: إنَّه الصَّحيح عن (١) أبي حنيفة وصاحبيه، واختاره ابن حبيبٍ من المالكيَّة؛ لحديث عليٍّ مرفوعًا عند أحمد: «شغلونا عن الصَّلاة الوسطى صلاة العصر» وكذا عند مسلمٍ والنَّسائيِّ وأبي داود؛ كلٌّ بلفظ: «صلاة العصر» وكذا هو في حديث ابن مسعودٍ والبراء بن عازبٍ عند مسلمٍ، وسَمُرَة عند أحمد، وأبي هريرة عند ابن جريرٍ، وأبي مالكٍ الأشعريِّ عند ابن جريرٍ أيضًا، وابن مسعودٍ عند ابن أبي حاتمٍ وابن حبَّان في «صحيحه»، ويؤكِّد ذلك الأمرُ بالمحافظة عليها؛ كحديث: «من فاتته صلاة العصر فكأنَّما (٢) وُتِرَ أهلَُه ومالَُه» واجتماعُ الملائكة في وقتها، وروى ابن جريرٍ من طريق هشام بن عروة عن أبيه قال: كان في مصحف عائشة: (حافظوا على الصَّلوات والصَّلاة الوسطى وهي (٣) صلاة العصر) وفي مصحف حفصة: (حافظوا على الصَّلوات والصَّلاة الوسطى وصلاة العصر) رواه ابن جريرٍ وغيره، وعُورِض: بأنَّ العطف بالواو في قوله: «وصلاة العصر» يقتضي المغايرة، وأُجيب بأنَّ الواو زائدةٌ، أو هو من عطف الصِّفات لا من عطف الذَّوات، كقوله تعالى: ﴿وَلَكِن رَّسُولَ اللهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ﴾ [الأحزاب: ٤٠] لكن هي منسوخة التِّلاوة، كما في حديث البراء بن عازبٍ عند مسلمٍ بلفظ:


(١) في (د): «عند».
(٢) في غير (د) و (س): «فكأنَّه»، وكلاهما مرويٌّ.
(٣) «وهي»: ليس في (ب).

<<  <  ج: ص:  >  >>