للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

والقعود (﴿كَمَا عَلَّمَكُم مَّا لَمْ تَكُونُواْ تَعْلَمُونَ﴾ [البقرة: ٢٣٩]) الكاف في ﴿كَمَا﴾ في موضع نصبٍ نعتًا لمصدرٍ محذوفٍ، أو حالًا من ضمير المصدر المحذوف، و «ما»: مصدريَّةٌ أو بمعنى: الذي، و ﴿مَّا لَمْ تَكُونُواْ تَعْلَمُونَ﴾: مفعول ﴿عَلَّمَكُم﴾ والمعنى: فصلُّوا الصَّلاة كالصَّلاة التي علَّمكم، وعبَّر بالذِّكر عن الصَّلاة، والتَّشبيه بين هيئتي الصَّلاتين الواقعة قبل الخوف وبعده في حالة الأمن، وفي رواية أبي ذرٍّ بعد قوله: ﴿فَإِذَا أَمِنتُمْ﴾: «الآية» وحذف ما بعد ذلك.

(وَقَالَ ابْنُ جُبَيْرٍ) سعيدٌ -ممَّا وصله ابن أبي حاتمٍ- في تفسير قوله تعالى: ﴿وَسِعَ﴾ (﴿كُرْسِيُّهُ﴾ [البقرة: ٢٥٥]) أي: (عِلْمُهُ) تسميةً للصِّفة باسم مكان صاحبها، ومنه قيل للعلماء: الكراسيُّ، وقيل: يُعبَّر به عن السِّرِّ، قال:

مَا لِي بأمرِكَ كُرسِيٌّ أُكاتمُه … وَلا بِكُرْسِيِّ عِلْمِ اللهِ مَحْلُوتُ (١)

وقد يعبَّر به عن المُلْكِ لجلوسه عليه، تسميةً للحالِّ باسم المحلِّ، وهو في الأصل: لما يُقعَد عليه ولا يفضل عن مقعد القاعد، وتفسير ابن جبيرٍ هذا فيه إشارةٌ إلى أنَّه لا كرسيَّ في الحقيقة ولا قاعد، وإنَّما هو مجازٌ عن علمه؛ كما في غيره ممَّا سبق، وقال قومٌ (٢): هو جسمٌ بين يدي العرش؛ ولذلك سُمِّي (٣) كرسيًّا، محيطٌ بالسَّموات السَّبع لحديث أبي ذرٍّ الغفاريِّ عند ابن مردويه: أنَّ النَّبيَّ قال: «والذي نفسي بيده ما السَّموات السَّبع والأرضون السَّبع عند الكرسيِّ إلَّا كحلقةٍ (٤) ملقاةٍ بأرض فلاةٍ، وإنَّ فَضْلَ العرشِ على الكرسيِّ كفضل الفلاة على تلك الحلقة»، وزعم بعض أهل الهيئة من الإسلاميِّين: أنَّ الكرسيَّ هو الفَلك الثَّامن، وهو فَلك الثَّوابت الذي فوقه الفَلك التَّاسع؛ وهو الأطلس (٥)، وسُمِّي الأطلس لكونه غير مكوكبٍ (٦)، وردَّ ذلك عليهم آخرون.


(١) في (د) و (م): «مخلوق».
(٢) في (د): «غيره».
(٣) في (د): «يُسمَّى».
(٤) في (ص): «حلقة».
(٥) في (ل): «والتَّاسع هو».
(٦) قوله: «وسُمِّي الأطلس لكونه غير مكوكبٍ»، سقط من (د) و (م).

<<  <  ج: ص:  >  >>