للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقوله تعالى: ﴿أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلَى قَرْيَةٍ وَهِيَ﴾ (﴿خَاوِيَةٌ﴾) أي: (لَا أَنِيسَ فِيهَا) والمارُّ عزيرٌ كما عند ابن أبي حاتمٍ، والقرية: القدس، وقوله: (﴿عُرُوشِهَا﴾ [البقرة: ٢٥٩]) أي: (أَبْنِيَتُهَا) ساقطةٌ (السَّنَةُ): هي (١) (نُعَاسٌ) وقد مرَّ، وسقطت هذه لأبي ذرٍّ.

وقوله تعالى: ﴿وَانظُرْ إِلَى العِظَامِ كَيْفَ﴾ (﴿نُنشِزُهَا﴾ [البقرة: ٢٥٩]) بالرَّاء، أي: (نُخْرِجُهَا) قال السُّدِّيُّ وغيره: تفرَّقت عظام حماره حوله يمينًا وشمالًا، فنظر إليها وهي تلوح من بياضها، فبعث الله ريحًا فجمعتها من كلِّ موضعٍ من تلك المحلَّة، ثمَّ ركَّبت كلَّ عظمٍ في موضعه، حتَّى صار حمارًا قائمًا من عظامٍ لا لحم عليها، ثمَّ كساه الله تعالى لحمًا وعصبًا وعروقًا وجلدًا وبعث ملكًا فنفخ في منخري الحمار فنهق بإذن الله تعالى، وذلك كلُّه بمرأًى من العزير، وسقط لأبي ذرٍّ من قوله: «﴿عُرُوشِهَا﴾ … » إلى آخره.

وقوله تعالى: ﴿فَأَصَابَهَا﴾ (﴿إِعْصَارٌ﴾ [البقرة: ٢٦٦]) أي: (رِيحٌ عَاصِفٌ (٢) تَهُبُّ مِنَ الأَرْضِ إِلَى السَّمَاءِ كَعَمُودٍ فِيهِ نَارٌ) أي: فتحرق ما في جنَّته من نخيلٍ وأعنابٍ، والمعنى: تمثيل حال من يفعل الأفعال الحسنة ويضمُّ إليها ما يحبطها مثل الرِّياء والإيذاء في الحسرة والأسف إذا كان يوم القيامة واشتدَّت حاجته إليها وجدها محبطةً بحال من هذا شأنه.

(وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ) رضي الله تعالى عنهما -ممَّا وصله ابن جريرٍ- في قوله تعالى: ﴿فَتَرَكَهُ﴾ (﴿صَلْدًا﴾ [البقرة: ٢٦٤]) أي: (لَيْسَ عَلَيْهِ شَيْءٌ) من ترابٍ، فكذلك نفقة المرائي والمشرك لا يبقى له ثوابٌ.

(وَقَالَ عِكْرِمَةُ) ممَّا وصله عبد بن حميدٍ في قوله تعالى: ﴿أَصَابَهَا﴾ (﴿وَابِلٌ﴾ [البقرة: ٢٦٥]) أي: (مَطَرٌ شَدِيدٌ) قطره، و (الطَّلُّ) في قوله تعالى: ﴿فَطَلٌّ﴾ [البقرة: ٢٦٥] أي: (النَّدَى) وهذا تجوُّز منه، والمعروف أنَّ الطَّلَّ هو المطر الصَّغير القطر، والفاء في: ﴿فَطَلٌّ﴾ جواب الشَّرط، ولا بدَّ من حذف بعدها لتكمل جملة الجواب، أي: فطلٌّ يصيبها، فالمحذوف الخبر، وجاز الابتداء بالنَّكرة؛ لأنَّها في جواب الشَّرط (وَهَذَا مَثَلُ عَمَلِ المُؤْمِنِ).


(١) في (د): «أي».
(٢) في (د): «عاصفةٌ».

<<  <  ج: ص:  >  >>