للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

إبراهيم؟ وكونه مضمرًا؛ تقديره: واذكر؛ فـ ﴿إِذْ﴾ على هذين القولين مفعولٌ لا ظرفٌ، و ﴿رَبِّ﴾ مضافٌ لياء المتكلِّم، حُذِفت استغناءً عنها بالكسرة، والرُّؤية بصريَّةٌ فيتعدَّى لواحدٍ، ولمَّا دخلت همزة النَّقل؛ نَصَبَ (١) مفعولًا ثانيًا، فالأوَّل ياء المتكلِّم، والثَّاني الجملة الاستفهاميَّة، وهي معلَّقةٌ للرُّؤية، و ﴿كَيْفَ﴾ في موضع نصبٍ على التَّشبيه بالظَّرف أو بالحال، والعامل فيها: ﴿تُحْيِي﴾ وقد ذكروا في سبب سؤال الخليل لذلك وجوهًا؛ فقيل: إنَّه لمَّا احتجَّ على نمروذ بقوله: ربِّي الذي يحيي ويميت؛ قال نمروذ: أنا أحيي وأميت؛ أُطْلِقُ محبوسًا وأَقتلُ آخر، قال إبراهيم: إنَّ الله يحيي بأن يقصد إلى جسد ميِّتٍ فيحييه، ويجعل فيه الرُّوح، فقال نمروذ: أنت عاينت ذلك؟! فلم يقدر أن يقول له: نعم عاينته، فقال: ﴿رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِي الْمَوْتَى﴾؟ [البقرة: ٢٦٠] حتَّى يُخبِر به معاينةً إن سُئِل عن ذلك مرَّةً أخرى، وقيل: إنَّه سأل زيادة يقينٍ وقوَّة طمأنينةٍ؛ إذ العلوم الضَّروريَّة والنَّظريَّة قد تتفاضل في قوَّتها، وطريان الشُّكوك على الضَّروريَّات ممتنعٌ، ومجوَّزٌ في النَّظريَّات، فأراد الانتقال من النَّظر أو الخبر إلى المشاهدة، والتَّرقِّي من علم اليقين إلى عين اليقين، فليس الخبر كالمعاينة (٢) (﴿قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِن﴾) بأنِّي قادرٌ على الإحياء بإعادة التَّركيب والحياة؟! قال له ذلك وقد عَلِم أنَّه أثبت النَّاس إيمانًا؛ ليُجيب بما أجاب، فيَعلم السَّامعون غرضه (﴿قَالَ بَلَى﴾) آمنت (﴿وَلَكِن لِّيَطْمَئِنَّ


(١) في (د): «نصبت».
(٢) قوله: «وقد ذكروا في سبب سؤال الخليل لذلك … فليس الخبر كالمعاينة»، وقع في (ص) سابقًا بعد قوله: ﴿أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِي الْمَوْتَى﴾.

<<  <  ج: ص:  >  >>