للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

على تعلُّمه، فتتوجَّه الرَّغبات إليه ويتنافس فيه المحصِّلون (١)، فكان كالشِّيء النَّافق؛ بخلافه إذا لم يوجد فيه المتشابه؛ فلم يُحتَج إليه كلَّ الاحتياج، فيتعطَّل ويضيع، ويكون كالشَّيء الكاسد. قاله الطِّيبيُّ.

وقوله تعالى: ﴿فَأَمَّا الَّذِينَ في قُلُوبِهِمْ﴾ (﴿زَيْغٌ﴾) أي: (شَكٌّ) وضلالٌ وخروجٌ عن الحقِّ إلى الباطل ﴿فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ﴾ (﴿ابْتِغَاء الْفِتْنَةِ﴾ [آل عمران: ٧]) مصدرٌ مضافٌ لمفعوله، منصوبٌ على المفعول له، أي: لأجل طلب (المُشْتَبِهَاتِ) بضمِّ الميم وسكون المعجمة وفتح الفوقيَّة وكسر الموحَّدة، ليفتنوا النَّاس عن دينهم؛ لتمكُّنهم من تحريفها إلى مقاصدهم الفاسدة؛ كاحتجاج النَّصارى بأنَّ القرآن نطق بأنَّ عيسى روح الله وكلمته، وتركوا الاحتجاج بقوله: ﴿إِنْ هُوَ إِلَّا عَبْدٌ أَنْعَمْنَا عَلَيْهِ﴾ [الزخرف: ٥٩] و ﴿إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِندَ اللّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِن تُرَابٍ﴾ [آل عمران: ٥٩] وهذا بخلاف المحكم، فلا نصيب لهم فيه لأنَّه دافعٌ لهم (٢) وحجة عليهم، وتفسير ﴿الْفِتْنَةِ﴾ بالمشتبهات لمجاهدٍ وصله عبد بن حميدٍ (﴿وَالرَّاسِخُونَ﴾ -يَعْلَمُونَ-) ولأبي ذرٍّ عن المُستملي والكُشْميهَنيِّ: «﴿وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ﴾ يعلمون» (﴿يَقُولُونَ﴾) خبر المبتدأ الذي هو ﴿وَالرَّاسِخُونَ﴾ أو حالٌ، أي: والرَّاسخون يعلمون تأويله حال كونهم قائلين ذلك، أو خبر مبتدأ مضمرٍ، أي: هم يقولون: (﴿آمَنَّا بِهِ﴾ [آل عمران: ٧]) زاد في نسخةٍ عن المُستملي والكُشْميهَنيِّ: «﴿كُلٌّ مِّنْ عِندِ رَبِّنَا﴾» أي: كلٌّ من المتشابه والمحكم من عنده (٣) «﴿وَمَا يَذَّكَّرُ إِلاَّ أُوْلُواْ الألْبَابِ﴾» وسقط جميع هذه الآثار من أوَّل السُّورة إلى هنا عن الحَمُّويي.


(١) في (م): «المخلصون».
(٢) «لأنَّه دافعٌ لهم»: مثبتٌ من (د) و (س).
(٣) في (د): «عند ربِّنا».

<<  <  ج: ص:  >  >>