حَدَّثَنِي) بالإفراد (ابْنُ عَبَّاسٍ قَالَ: حَدَّثَنِي) بالإفراد أيضًا (أَبُو سُفْيَانَ) صخر بن حربٍ حال كونه (مِنْ فِيهِ إِلَى فِيَّ) عبر بـ «فيه» موضع «أذنه» إشارةً إلى تمكُّنه من الإصغاء إليه؛ بحيث يجيبه إذا احتاج إلى الجواب (قَالَ: انْطَلَقْتُ فِي المُدَّةِ الَّتِي كَانَتْ بَيْنِي وَبَيْنَ رَسُولِ اللهِ) ولأبي ذرٍّ: «وبين النَّبيِّ»(ﷺ) مدَّة الصُّلح بالحديبية على وضع الحرب عشر سنين (قَالَ: فَبَيْنَا) بغير ميمٍ (أَنَا بِالشَّامِ؛ إِذْ جِيءَ بِكِتَابٍ مِنَ النَّبِيِّ ﷺ إِلَى هِرَقْلَ) الملقَّب قيصر عظيم الرُّوم (قَالَ) أبو سفيان: (وَكَانَ دِحْيَةُ) بن خليفة (الكَلْبِيُّ جَاءَ بِهِ) من عند النَّبيِّ ﷺ في آخر سنة ستٍّ (فَدَفَعَهُ) دحية (إِلَى عَظِيمِ) أهل (بُصْرَى) الحارث بن أبي شمر الغسَّانيِّ (فَدَفَعَهُ عَظِيمُ بُصْرَى إِلَى هِرَقْلَ) فيه مجازٌ؛ لأنَّه أرسل به إليه صحبة عديِّ بن حاتمٍ، كما عند ابن السَّكن في «الصَّحابة»(قَالَ) أبو سفيان: (فَقَالَ هِرَقْلُ: هَلْ هَهُنَا أَحَدٌ مِنْ قَوْمِ هَذَا الرَّجُلِ الَّذِي يَزْعُمُ أَنَّهُ نَبِيٌّ؟ فَقَالُوا: نَعَمْ، قَالَ) أبو سفيان: (فَدُعِيتُ) بضمِّ الدَّال مبنيًّا للمفعول (فِي) أي: مع (نَفَرٍ) ما بين الثلاثة إلى العشرة (مِنْ قُرَيْشٍ، فَدَخَلْنَا عَلَى هِرَقْلَ) الفاء فصيحةٌ أفصحت عن محذوفٍ، أي: فجاءنا رسول هرقل فَطَلَبنا، فتوجَّهنا معه حتَّى وصلنا إليه، فاستأذن لنا فأُذِن لنا فدخلنا عليه (فَأُجْلِسْنَا بَيْنَ يَدَيْهِ) بضمِّ الهمزة وسكون الجيم وكسر اللَّام وسكون السِّين (فَقَالَ: أَيُّكُمْ أَقْرَبُ نَسَبًا مِنْ هَذَا الرَّجُلِ الَّذِي يَزْعُمُ أَنَّهُ نَبِيٌّ؟ فَقَالَ أَبُو سُفْيَانَ: فَقُلْتُ: أَنَا) أي: أقربهم نسبًا، واختار هرقل ذلك؛ لأنَّ الأقرب أحرى بالاطِّلاع على قريبه من غيره (فَأَجْلَسُونِي بَيْنَ يَدَيْهِ) أي: يدي هرقل (وَأَجْلَسُوا أَصْحَابِي) القرشيِّين (خَلْفِي) وعند الواقديِّ: «فقال لترجمانه: قل لأصحابه: إنَّما جعلتكم عند كتفيه لتردُّوا عليه كذبًا إن قاله»(ثُمَّ دَعَا بِتُرْجُمَانِهِ) الذي يفسِّر لغةً بلغةٍ (فَقَالَ) له: (قُلْ لَهُمْ: إِنِّي سَائِلٌ) بالتَّنوين (هَذَا) أي: أبا سفيان (عَنْ هَذَا الرَّجُلِ الَّذِي يَزْعُمُ أَنَّهُ نَبِيٌّ) أشار إليه إشارة القريب؛ لقرب العهد بذكره (فَإِنْ كَذَبَنِي) بتخفيف المعجَمة، أي: نقل إليَّ الكذب (فَكَذِّبُوهُ) بتشديدها مكسورةً، يتعدَّى إلى مفعولٍ واحدٍ، والمخفَّف إلى مفعولين، تقول: كَذَبني الحديثَ، وهذا من الغرائب. (قَالَ أَبُو سُفْيَانَ: