للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

إثمك (إِثْمَ الأَرِيسِيِّينَ) بهمزةٍ وتشديد التَّحتيَّة بعد السِّين، أي: الزَّرَّاعين، نبَّه بهم على جميع الرَّعايا، وقيل: الأريسيِّين يُنسَبون إلى عبد الله بن أريس؛ رجلٍ كان تعظِّمه النَّصارى، ابتدع في دينه أشياء مخالفةً لدين عيسى (و ﴿يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْاْ إِلَى كَلَمَةٍ سَوَاء بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلاَّ نَعْبُدَ إِلاَّ اللّهَ﴾) بدلٌ من ﴿كَلَمَةٍ﴾ بدلَ كلٍّ من كلٍّ، (إِلَى قَوْلِهِ: ﴿اشْهَدُواْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ﴾ [آل عمران: ٦٤]) والخطاب في ﴿اشْهَدُواْ﴾ للمسلمين، أي: فإن تولَّوا عن هذه الدَّعوة؛ فأشهِدوهم أنتم على استمراركم على الإسلام الذي شرعه الله لكم.

فإن قلت: إنَّ هذه القصَّة كانت بعد الحديبية وقبل الفتح؛ كما صُرِّح به في هذا (١) الحديث، وقد ذكر ابن إسحاق وغيره: أنَّ صدر سورة آل عمران إلى بضعٍ وثمانين آيةً منها نزلت في وفد نجران، وقال الزُّهريُّ: هم أوَّل من بَذَل الجِزية، ولا خلافَ أنَّ آية الجِزية نزلت بعد الفتح، فما الجمع بين كتابة هذه الآية قبل الفتح إلى هرقل في جملة الكتاب وبين ما ذكره ابن إسحاق والزُّهريُّ؟ أجيب باحتمال نزول الآية مرةً قبل (٢) الفتح وأخرى بعده، وبأنَّ قدوم وفد نجران كان قبل الحديبية، وما بذلوه كان مصالحةً عن المباهلة لا عن الجزية، ووافق نزول الجزية بعد ذلك على وَفْق ذلك؛ كما جاء وفق الخُمُس والأربعة أخماس (٣) وفق ما فعله عبد الله بن جحشٍ في تلك السَّريَّة قبل بدرٍ، ثم نزلت فريضة القسم على وفق ذلك، وباحتمال أن يكون أمر بكتابتها قبل نزولها، ثم نزل القرآن موافقةً له؛ كما نزل بموافقة عمر في الحجاب وفي الأسارى وعدم الصَّلاة على المنافقين، قاله ابن كثيرٍ.

(فَلَمَّا فَرَغَ) هرقل (مِنْ قِرَاءَةِ الكِتَابِ؛ ارْتَفَعَتِ (٤) الأَصْوَاتُ عِنْدَهُ، وَكَثُرَ اللَّغَطُ) من عظماء الرُّوم، ولعلَّه بسبب ما فهموه من ميل هرقل إلى التَّصديق (وَأُمِرَ بِنَا فَأُخْرِجْنَا) بضمِّ الهمزة وكسر الرَّاء في الثَّاني والميم في الأوَّل (قَالَ) أبو سفيان: (فَقُلْتُ لأَصْحَابِي) القرشيِّين (حِينَ خَرَجْنَا): والله (لَقَدْ أَمِرَ) بفتح الهمزة مع القصر وكسر الميم، أي: عَظُم (أَمْرُ ابْنِ أَبِي كَبْشَةَ)


(١) «هذا»: مثبتٌ من (د).
(٢) في (د): «من قبل».
(٣) في غير (د): «الأخماسٍ».
(٤) في (ص): «ارتعدت».

<<  <  ج: ص:  >  >>