للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

(لَا تَجِدُونَ فِي التَّوْرَاةِ الرَّجْمَ) على من زنى إذا أحصن؟ (فَقَالُوا: لَا نَجِدُ فِيهَا شَيْئًا) وإنَّما سألهم ليُلزِمهم بما يعتقدونه في كتابهم الموافق لحكم الإسلام؛ إقامةً للحجَّة عليهم، لا لتقليدهم ومعرفة الحكم منهم (فَقَالَ لَهُمْ عَبْدُ اللهِ بْنُ سَلَامٍ) : (كَذَبْتُمْ، ﴿فَأْتُواْ بِالتَّوْرَاةِ فَاتْلُوهَا إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ﴾) فإنَّ ذلك موجودٌ فيها لم يُغيَّر، واستدلَّ به ابن عبد البرِّ على أنَّ التَّوراة صحيحةٌ بأيديهم، ولولا ذلك؛ ما سألهم رسول الله عنها، ولا دعا بها، وأُجيب بأنَّ سؤاله عنها لا يدلُّ على صحَّة جميع ما فيها، وإنَّما يدلُّ على صحَّة المسؤول عنه منها، وقد علم ذلك بوحيٍ أو إخبار (١) مَن أسلم منهم، فأراد بذلك تبكيتهم، وإقامةَ الحجَّة عليهم في مخالفتهم كتابَهم، وكذبهم عليه، وإخبارهم بما ليس فيه، وإنكارهم ما هو فيه، فَأتَوا بالتَّوراة فنشروها (فَوَضَعَ) عبدُ الله بن صوريا (مِدْرَاسُهَا) بكسر الميم، «مِفْعال» من أبنية المبالغة، أي: صاحب دراسة كتبهم، وكان أعلم من بقي مَن الأحبار بالتَّوراة، وزعم السُّهيليُّ أنَّه أسلم، ولأبي ذرٍّ عن الحَمُّويي والمُستملي: «مُدَارِسُها» بضمِّ الميم، على وزن «المفاعلة»، من المُدارَسة، قال في «الفتح»: والأوَّل أوجهُ، وهو (الَّذِي يُدَرِّسُهَا مِنْهُمْ) بضمِّ التَّحتيَّة وفتح الدَّال المهملة وتشديد الرَّاء مكسورةً، وفي نسخةٍ: «يَدْرُسُها» بفتح أوَّله وسكون الدَّال وضمِّ الرَّاء مخفَّفةً (كَفَّهُ عَلَى آيَةِ الرَّجْمِ، فَطَفِقَ) بكسر الفاء، أي: فجعل (يَقْرَأُ) من التَّوراة (مَا دُونَ يَدِهِ) أي: قبلها (وَمَا وَرَاءَهَا، وَلَا يَقْرَأُ آيَةَ الرَّجْمِ، فَنَزَعَ يَدَهُ) (٢) عبدُ الله بنُ سلَام (عَنْ آيَةِ الرَّجْمِ، فَقَالَ: مَا هَذِهِ؟ فَلَمَّا رَأَوْا ذَلِكَ) أي: اليهود (قَالُوا): ولأبي ذرٍّ عن الكُشْميهَنيِّ: «فلمَّا رأى ذلك» أي: المِدارس قال: (هِيَ آيَةُ الرَّجْمِ، فَأَمَرَ بِهِمَا) (فَرُجِمَا) بحكم شرعه (قَرِيبًا مِنْ حَيْثُ مَوْضِعُ الجَنَائِزِ) برفع «موضع» في الفرع كأصله وغيرهما؛ لأنَّ «حيث» لا تُضاف إلى ما بعدها إلا أن يكون جملةً (عِنْدَ المَسْجِدِ) وفي هذه القصَّة من حديث جابرٍ عند أبي داود في «سُننه»: أنَّه شهد عنده أربعةٌ أنَّهم رأوا ذَكَره في فَرْجِها مثل الميل في المُكْحِلَة، قال النَّوويُّ: فإن صحَّ هذا؛ فإن كان الشهود مسلمين فظاهرٌ، وإن كانوا كفَّارًا؛ فلا اعتبار بشهادتهم، ويتعيَّن أنَّهما أقرَّا بالزِّنى؛ فلذا حكم برجمهما. (قَالَ) أي: ابن عمر: (فَرَأَيْتُ صَاحِبَهَا) أي صاحب المرأة الذي (٣)


(١) في (ص): «وإخبار».
(٢) «يده»: مثبتٌ هنا من (د)، وجاء في سائر النُّسخ بعد «عبد الله بن سلام»، ولعلَّ إثباتها هنا هو الصَّواب.
(٣) في (د): «التي».

<<  <  ج: ص:  >  >>