للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

﴿مِنْهُمْ (١)﴾ للتَّبيين؛ مثل: ﴿وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُم مَّغْفِرَةً﴾ [الفتح: ٢٩] لأنَّه لو حُمِل على التَّبعيض؛ لزم ألَّا يكون كلُّهم محسنين، قال في «فتوح الغيب»: فالكلام فيه تجريدٌ؛ جرَّد من الذين استجابوا لله والرَّسول المحسن المتَّقي، وسبب نزول هذه الآية: أنَّ المشركين لمَّا أصابوا ما أصابوا (٢) من المسلمين؛ كرُّوا راجعين إلى بلادهم، فلما بلغوا الرَّوحاء؛ ندموا لِمَ لا تمَّموا على أهل المدينة وجعلوها الفيصلة، وهمُّوا بالرُّجوع، فبلغ ذلك النَّبيَّ ، فندب أصحابه إلى الخروج في طلبهم ليرعبهم ويريهم أنَّ فيهم قوَّة وجَلَدًا، وقال: «لا يخرجنَّ معنا إلا من حضر الوقعة يوم أحدٍ» سوى جابر بن عبد الله فإنَّه أذن له، فخرج مع جماعةٍ حتَّى بلغوا حمراء الأسد، وهي على ثمانية أميالٍ من المدينة، وكان بأصحابه القرح، فتحاملوا على أنفسهم حتَّى لا يفوتهم الأجر، وألقى الله الرُّعب في قلوب المشركين فذهبوا، فنزلت.

وقال البخاريُّ كأبي عبيدة: (﴿الْقَرْحُ﴾) بفتح القاف، أي: (الجِرَاحُ) جمع جِراحةٍ؛ بالكسر فيهما.

(﴿اسْتَجَابُواْ﴾) أي: (أَجَابُوا) تقول العرب: استجبتك، أي: أجبتك، و (﴿يَسْتَجِيبُ﴾ [الشورى: ٢٦]) أي: (يُجِيبُ) وهذا وإن كان في سورة الشُّورى فأورده هنا؛ استشهادًا لسابقه، ولم يذكر المؤلِّف هنا حديثًا، ولعلَّه بيَّض له، واللَّائق بالسِّياق هنا حديث عائشة عند المؤلِّف في «المغازي» [خ¦٤٠٧٧]: ﴿الَّذِينَ اسْتَجَابُواْ لِلّهِ وَالرَّسُولِ مِن بَعْدِ مَآ أَصَابَهُمُ الْقَرْحُ … ﴾ إلى آخر الآية، قالت لعروة: يا بن أختي (٣)، كان أبواك منهم؛ الزُّبير وأبو بكرٍ ، فلمَّا أصاب (٤) نبيَّ الله ما أصاب (٥) يوم أحدٍ، و (٦) انصرف عنه (٧) المشركون؛ خاف أن يرجعوا فقال: «من يرجع في إثْرِهم؟» فانتدب منهم سبعون رجلًا، فيهم أبو بكر والزُّبير . وأمَّا حديث ابن مردويه عن عائشة قالت (٨): قال لي


(١) «في قوله: ﴿مِنْهُم﴾»: ليس في (د). وجعل هذه الجملة حاشية في (ج)، وقال: كذا بخطه.
(٢) «ما أصابو»: ليس في (ب).
(٣) في (د): «أخي».
(٤) في (م): «أُصِيب».
(٥) «ما أصاب»: سقط من (م).
(٦) الواو ليس في (ص) و (م).
(٧) في (د): «عنهم».
(٨) في (د): «فقالت».

<<  <  ج: ص:  >  >>