للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أعجزني، ومضارع هذا «يعيل»، والمصدر «عَيْلٌ» و «مَعِيلٌ» (١)، فقد تلَّخص من هذا: أنَّ «عال» اللَّازم يكون تارةً من ذوات الواو، وتارةً من ذوات الياء باختلاف المعنى، وكذلك «عال» المتعدِّي أيضًا؛ فقد روى الأزهريُّ عن الكسائيِّ قال: عال الرَّجل: إذا افتقر، وأعال: إذا كثر عياله، قال: ومن العرب الفصحاء من يقول: عال يعول إذا كثر عياله، قال الأزهريُّ: وهذا يقوِّي قول الشَّافعيِّ؛ لأنَّ الكسائيَّ لا يحكي عن العرب إلَّا ما حفظه وضبطه، وقول الشَّافعيِّ نفسه حجَّةٌ، وحكى البغويُّ عن أبي حاتمٍ قال: كان الشَّافعيُّ أعلم بلسان العرب منَّا، ولعلَّه لغةٌ (٢)، وعن أبي عمرٍو الدُّوريِّ القارئ -وكان من أئمَّة اللُّغة- قال: هي لغة حِمْيَر، وأمَّا قولهم: إنَّه خالف المفسِّرين؛ فليس كذلك؛ فقد روي عن زيد بن أسلم نحو قوله، أسنده الدَّارقطنيُّ وذكره الأزهريُّ في كتابه «تهذيب اللُّغة»، وأمَّا قولهم: اختلفت المادَّتان؛ فليس بصحيحٍ؛ فقد تقدَّم حكاية ابن الأعرابيِّ عن العرب: عال الرَّجل يعول كثر عياله، وحكاية الكسائيِّ والدُّوريِّ، وقرأ طلحة بن مصرِّفٍ: (ألَّا تُعيلوا) بضمِّ تاء المضارعة، من أعال: كثر عياله، وهي تعضد تفسير الشَّافعيِّ من حيث المعنى، وقد بسط الإمام فخر الدِّين العبارة في الرَّدِّ على أبي بكر الرَّازيِّ، وقال: الطَّعن لا يصدر إلَّا عن كثرة الغباوة وقلَّة المعرفة، وقال الزَّمخشريُّ بعد أن وجَّه قول الشَّافعيِّ بنحو ما سبق: وكلام مثله من أعلام العلم وأئمَّة الشَّرع ورؤوس المجتهدين حقيقٌ بالحمل على الصِّحَّة والسَّداد، وكفى بكتابنا المترجم بكتاب «شافي العيِّ من كلام الشافعيِّ» شاهدًا بأنَّه أعلى كعبًا وأطول باعًا في علم كلام العرب من أن يخفى عليه مثل هذا، ولكنَّ للعلماء طرقًا وأساليب، فسلك في تفسير هذه الكلمة طريقة الكنايات (٣). انتهى. وقوله: «أعلى كعبًا»: مثلٌ لاطِّلاعه على علوم العربية، وكونه ذا حظٍّ وافرٍ فيها.

وقوله تعالى: ﴿وَآتُواْ النَّسَاء صَدُقَاتِهِنَّ﴾ (﴿نِحْلَةً﴾ [النساء: ٤]) قال ابن عبَّاسٍ فيما وصله ابن أبي حاتمٍ والطَّبريُّ: (النِّحْلَةُ) ولأبي ذرٍّ: «فالنِّحلة»: (المَهْرُ) وقيل: فريضةٌ مسمَّاةٌ، وقيل: عطيَّةٌ وهبةٌ، وسُمِّي الصَّداق نِحْلةً؛ من حيث إنَّه (٤) لا يجب في مقابلته غير التَّمتُّع دون عوضٍ (٥) ماليٍّ.


(١) في (د) و (م): «ويعيل»، وليس بصحيحٍ.
(٢) في (د): «لغته».
(٣) في (ب): «الكناية».
(٤) في (د): «نحلةً لأنَّه».
(٥) في (د): «عرضٍ» ولعلَّه تحريفٌ.

<<  <  ج: ص:  >  >>