للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فيضعُفُ بذلك قلوب المؤمنين، ولو ردُّوا ذلك الأمر إلى الرَّسول وإلى كبار الصَّحابة العارفين بمصالح الأمور ومفاسدها؛ لعَلِم تدبيرَ ما أخبروا به الذين (﴿يَسْتَنبِطُونَهُ﴾ [النساء: ٨٣]) أي: (يَسْتَخْرِجُونَهُ) وفيه إنكارٌ على من يُبَادر إلى الأمور قبل تحقُّقها، فيُخبِر بها ويفشيها وينشرها، وقد لا يكون لها صحَّةٌ، وفي حديث أبي هريرة مرفوعًا: «كفى بالمرء إثمًا أن يحدّث بكلِّ ما سمع» رواه مسلمٌ، وسقط التَّبويب وقوله: «﴿وَإِذَا جَاءهُمْ أَمْرٌ مِّنَ الأَمْنِ﴾» لغير أبوي ذرٍّ والوقت، ولغير أبي ذرٍّ لفظة: «أي» من قوله: «أي: أفشوه».

(﴿حَسِيبًا﴾) يريد قوله تعالى: ﴿إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَسِيبًا﴾ [النساء: ٨٦] أي: (كَافِيًا) وسقط هذا لأبي ذرٍّ.

(﴿إِلاَّ إِنَاثًا﴾) يريد قوله تعالى: ﴿إِن يَدْعُونَ مِن دُونِهِ إِلاَّ إِنَاثًا﴾ [النساء: ١١٧] أي: ما يعبدون من دون الله إلَّا إناثًا؛ لأنَّ كلَّ من عبد شيئًا فقد دعاه لحاجته، و ﴿إِنَاثًا﴾ (يَعْنِي: المَوَاتَ حَجَرًا أَوْ مَدَرًا وَمَا أَشْبَهَهُ) قال الحسن: كلُّ شيءٍ لا روح فيه كالحجر والخشبة (١) هي إناثٌ، وقد كانوا يُسمُّون أصنامهم بأسماء الإناث، فيقولون: اللَّات والعزَّى ومناة، وعن الحسن: إنَّ لكلِّ قبيلةٍ صنمًا يُدعَى أنثى بني فلانٍ؛ وذلك لقولهم: إنَّهنَّ بنات الله، أو قولهم: الملائكة بنات الله، وإنَّما نعبدهم ليُقرِّبونا إلى الله زلفى، اتَّخذوا أربابًا وصوَّروهنَّ صور الجواري، وقالوا: هؤلاء يُشبِهن بنات الله الذي نعبده؛ يعنون: الملائكة. وعن كعبٍ في الآية قال: «مع كلِّ صنمٍ جنيَّةٌ» رواه ابن أبي حاتمٍ، وسقط لفظ «يعني» لغير أبي ذرٍّ.

(﴿مَّرِيدًا﴾) يريد قوله تعالى: ﴿وَإِن يَدْعُونَ﴾ أي: ما يدعون (٢) بعبادة الأصنام ﴿إِلاَّ شَيْطَانًا مَّرِيدًا﴾ [النساء: ١١٧] أي: (مُتَمَرِّدًا) قال قتادة فيما رواه ابن أبي حاتمٍ: متمردًا على معصية الله تعالى، قال تعالى: ﴿أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَا بَنِي آدَمَ أَن لَّا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ﴾ [يس: ٦٠] وسقط قوله: «﴿مَّرِيدًا﴾: متمرِّدًا» للكُشْمِيهنِيِّ والحَمُّويي.

(﴿فَلَيُبَتِّكُنَّ﴾) هو من حكاية قول الشَّيطان في قوله تعالى: ﴿وَقَالَ (٣) لَأَتَّخِذَنَّ مِنْ عِبَادِكَ نَصِيبًا


(١) في (د): «والخشب».
(٢) في (د): «يعبدون»، ولعلَّه تحريفٌ.
(٣) «تعالى: ﴿وَقَالَ﴾»: ليس في (ص).

<<  <  ج: ص:  >  >>