للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

التي في النِّساء مدنيَّةٌ، وهي ردٌّ عليهم لمَّا سألوه أن يُنزِل عليهم كتابًا من السَّماء، قال الله تعالى: ﴿فَقَدْ سَأَلُواْ مُوسَى أَكْبَرَ مِن ذَلِكَ﴾ [النساء: ١٥٣] ثمَّ ذكر فضائحهم ومعايبهم، ثمَّ ذكر أنَّه أوحى إلى عبده كما أوحى إلى غيره من النَّبيِّين، فقال مخاطبًا حبيبه، وآثر صيغة التَّعظيم؛ تعظيمًا للمُوحِي والموحَى إليه: ﴿إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ﴾ [النساء: ١٦٣] أي: لك أسوةٌ بالأنبياء السَّالفة، فتأسَّ بهم ﴿وَكُلاًّ نَّقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنبَاء الرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ﴾ [هود: ١٢٠] لأنَّ شأن وحيك كشأن وحيهم، وبدأ بنوحٍ؛ لأنَّه أوَّل نبيٍّ قاسى الشِّدَّة من الأمَّة، وعطف عليه النَّبيِّين من بعده، وخصَّ منهم إبراهيم إلى داود ؛ تشريفًا لهم (١)، وترك ذكر موسى ليبرزه مع ذكرهم بقوله: ﴿وَكَلَّمَ اللّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا﴾ [النساء: ١٦٤] على نمطٍ أعمَّ من الأوَّل؛ لأنَّ قوله: ﴿وَرُسُلاً قَدْ قَصَصْنَاهُمْ عَلَيْكَ مِن قَبْلُ وَرُسُلاً لَّمْ نَقْصُصْهُمْ﴾ [النساء: ١٦٤] من التَّقسيم الخاصِّ (٢)؛ مزيدًا لشرفه واختصاصه بوصف التَّكليم دونهم، أي: رسلًا فضَّلهم واختارهم وآتاهم الآيات البيِّنات، والمعجزات القاهرات (٣) الباهرات إلى ما لا يحصى، وخصَّ موسى بالتَّكليم، وثلَّث ذكرهم على أسلوبٍ يجمعهم في وصفٍ عامٍّ على جهة المدح، والتَّعظيمُ (٤) سارٍ في غيرهم؛ وهو كونهم مبشِّرين ومنذرين، وجعلهم حجَّة الله (٥) على الخلق طرًّا لقطع معاذيرهم، فيدخل في هذا القسم كلُّ من دعا (٦) إلى هدًى وبشَّر وأنذر كالعلماء، وظهر من هذا التَّقدير طبقات الدَّاعين إلى الله بأسرهم، قاله في «فتوح الغيب».


(١) في (ل): «وخصَّ منهم داود تشريفًا لهم».
(٢) في (د): «الحاصر».
(٣) «القاهرات»: ليس في (د).
(٤) في (د): «والمدح»، ولعلَّه سبق نظرٍ.
(٥) اسم الجلالة: ليس في (د).
(٦) في (ب): «عاد» ولعلَّه تحريفٌ.

<<  <  ج: ص:  >  >>