للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بخبر القوم، فلمَّا دخلوها رأوا أمرًا عظيمًا من هيئتهم وعظمتهم، فدخلوا حائطًا لبعضهم، فجاء صاحب الحائط ليجتني الثِّمار من حائطه، فنظر إلى آثارهم فتتبَّعهم، فكلَّما أصاب واحدًا منهم؛ أخذه (١) فجعله في كمِّه مع الفاكهة، حتَّى التقطهم كلَّهم (٢) فجعلهم في كمِّه مع الفاكهة، وذهب إلى مَلِكهم فنثرهم بين يديه، فقال المَلِك: قد رأيتم شأننا، فاذهبوا وأخبروا صاحبكم» رواه ابن جريرٍ عن عبد الكريم بن الهيثم (٣)، حدَّثنا إبراهيم بن بشَّار حدَّثنا سفيان عن أبي سعيدٍ عن عكرمة عن ابن عبَّاسٍ. قال ابن كثيرٍ: وفي هذا الإسناد نظرٌ، وقد ذكر كثير من المفسِّرين أخبارًا من وضع بني إسرائيل في عظمة خلق هؤلاء الجبَّارين، وأنَّه كان فيهم عَوْجُ بن عُنُقٍ بنت (٤) آدم ، وأنَّه كان طوله ثلاثة آلاف ذراعٍ وثلاث مئةٍ وثلاثةٌ وثلاثين ذراعًا وثلث ذراعٍ، تحرير الحساب، وهذا شيء يُسْتَحيا منه، ثمَّ هو مخالفٌ لِمَا في «الصَّحيح»: أنَّ رسول الله قال: «إن الله خلق آدم طوله ستُّون ذراعًا، ثمَّ لم يزل الخلق ينقص حتَّى الآن» [خ¦٣٣٢٦] ثمَّ ذكروا أنَّ عوجًا كان كافرًا، وأنَّه امتنع من ركوب السَّفينة، وأنَّ الطُّوفان لم يصل إلى ركبته، وهذا كذبٌ وافتراء، فإنَّ الله تعالى ذكر أنَّ نوحًا دعا على أهل الأرض من الكافرين فقال: ﴿رَّبِّ لَا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا﴾ [نوح: ٢٦] وقال تعالى: ﴿فَأَنجَيْنَاهُ وَمَن مَّعَهُ فِي الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ. ثُمَّ أَغْرَقْنَا بَعْدُ الْبَاقِينَ﴾ [الشعراء: ١١٩ - ١٢٠] وقال تعالى ﴿لَا عَاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللّهِ إِلاَّ مَن رَّحِمَ﴾ [هود: ٤٣] وإذا كان ابن نوحٍ غرق؛ فكيف يبقى عَوْجُ بن عُنُقٍ وهو كافرٌ؟! هذا لا يسوغ في عقلٍ ولا في شرعٍ، ثمَّ في وجود رجلٍ يقال له: عَوْج بن عُنُقٍ نظرٌ، والله أعلم. انتهى.


(١) زيد في (د): «منهم».
(٢) في (م): «جميعًا».
(٣) زيد في (ص): «ثم».
(٤) في (م): «بن»، وكلاهما وارد.

<<  <  ج: ص:  >  >>