للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بهمزةٍ مفتوحةٍ فراءٍ مكسورةٍ (قَالَ): فأرقتها (١) (فَجَرَتْ) أي: سالت (فِي سِكَكِ المَدِينَةِ) أي: طرقها (قَالَ) أنسٌ: (وَكَانَتْ خَمْرُهُمْ يَوْمَئِذٍ الفَضِيخَ، فَقَالَ بَعْضُ القَوْمِ: قُتِلَ قَوْمٌ وَهْيَ فِي بُطُونِهِمْ) وعند النَّسائيِّ والبيهقيِّ من طريق ابن عبَّاسٍ قال: «نزل تحريم الخمر في ناسٍ شربوا فلمَّا ثمِلُوا عَبَثُوا، فلمَّا صحوا جعل بعضهم يرى الأثر بوجه الآخر، فنزلت، فقال ناسٌ من المتكلِّفين (٢) … » وعند البزَّار أنَّ الذين قالوا ذلك كانوا من اليهود، وأفاد في «الفتح»: أنَّ في رواية الإسماعيليِّ عن ابن ناجية، عن أحمد بن عبدة ومحمَّد بن موسى، عن حمادٍ في آخر هذا الحديث: قال حمادٌ: فلا أدري هذا -يعني (٣): قوله: «فقال بعض القوم … » إلى آخره- في الحديث، أي: عن أنس أو قاله ثابتٌ، أي: مرسلًا (قَالَ: فَأَنْزَلَ اللهُ) تعالى: (﴿لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُواْ﴾ [المائدة: ٩٣]) والمعنى: بيان أنَّه لا جناح عليهم فيما طَعِموا إذا ما اتَّقوا المحارم، والحكم عامٌّ وإن اختصَّ السَّبب، فالجناح مرتفعٌ عن كلِّ من يطعم شيئًا من المستلَّذات، إذا ما (٤) اتَّقى الله فيما حرَّم عليه منها ودام على الإيمان، أو ازداد إيمانًا عند من يقول به، وقال في «فتوح الغيب»: والمعنى: ليس المطلوب من المؤمنين الزَّهادة عن المستلَّذات وتحريم الطَّيِّبات، وإنَّما المطلوب منهم التَّرقِّي في مدارج التَّقوى والإيمان إلى مراتب الإخلاص ومعارج القدس والكمال، وذلك بأن يَثْبُتوا على الاتِّقاء عن الشِّرك (٥) وعلى الإيمان بما يجب الإيمان به، وعلى الأعمال الصَّالحة لتحصل الاستقامة التَّامَّة، فيتمكَّن بالاستقامة من التَّرقِّي إلى مرتبة المشاهدة ومعارج أن تعبد الله كأنَّك تراه، وهو المعنيُّ بقوله: ﴿وَّأَحْسَنُواْ﴾ وبها يُمنَح الزُّلفى عند الله ويُحِقُّه (٦)، ﴿وَاللّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ﴾ [المائدة: ٩٣]. انتهى.

وقال غيره: والتَّفسير باتِّقاء الشِّرك لا يلائم (٧) صفة الكمال، وإنَّ قوله: ﴿وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ﴾


(١) في (م): «فأهرقتها».
(٢) في (م): «المتكلمين».
(٣) في (ص): «معنى» ولعلَّه تحريفٌ.
(٤) «ما»: ليس في (ب) و (س).
(٥) إلى هنا ينتهي السَّقط من (د).
(٦) في (د): «ويحقَّقه».
(٧) في (ص): «يلازم».

<<  <  ج: ص:  >  >>