للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

عبَّاسٍ بإسنادٍ حسنٍ؛ وذلك لشؤم ظلمهم؛ لقوله تعالى: ﴿فَبِظُلْمٍ مِّنَ الَّذِينَ هَادُواْ حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ﴾ [النساء: ١٦٠] (﴿وَمِنَ الْبَقَرِ وَالْغَنَمِ حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ شُحُومَهُمَا﴾ الاية [الأنعام: ١٤٦]) أي: الثُّروب؛ بالثاء المثلَّثة (١) المضمومة والراء آخره موحَّدة؛ وهو شحمٌ قد غَشِيَ الكَرِشَ والأمعاء رقيقٌ، وشحم (٢) الكِلَى، وتَرَك البقرَ والغنم على التحليل، لمُ يحرِّم منها إلَّا الشُّحوم الخاصَّة، واستثنى (٣) من الشَّحم ما علقت (٤) بظهورهما، أو ما اشتمل على الأمعاء؛ فإنَّه غير محرَّمٍ، وهو المراد بقوله: ﴿أَوِ الْحَوَايَا﴾ جمع حاويةٍ، أو حاوياء؛ كقاصِعاء وقواصِع، أو حَويَّة؛ كسفينة وسفائن، ومن عَطَف (٥) على (٦) ﴿شُحُومَهُمَا﴾ جعل ﴿أَوْ﴾ بمعنى الواو، فهي بمنزلة قولك: لا تُطِعْ زيدًا أو عَمْرًا أو خالدًا، أي: هؤلاء كلُّهم أهلٌ ألَّا يُطاع، فلا تُطِعْ واحدًا منهم، ولا تُطِعِ الجماعة، ومثله: جالسِ الحسنَ أو ابن سيرين أو الشَّعبيَّ، فليس المعنى: أَنِّي أمرتك بمجالسة واحدٍ منهم، بل المعنى: كلُّهم أهلٌ أن يُجالَس، فإن جالستَ واحدًا منهم؛ فأنت مصيبٌ، وإن جالستَ الجماعةَ؛ فأنت مصيبٌ، وقال ابن الحاجب: ﴿أَوْ﴾ في قوله: ﴿وَلَا تُطِعْ مِنْهُمْ آثِمًا أَوْ كَفُورًا﴾ [الإنسان: ٢٤] بمعناها؛ وهو (٧) أحد الأمرين، وإنَّما جاء التَّعميم من النَّهي الذي فيه معنى النَّفي؛ لأنَّ المعنى قبل وجود النَّهي فيهما: تطيع آثمًا أو كفورًا، أي: واحدًا منهما، فإذا جاء النَّهي ورد على ما كان ثابتًا في المعنى، فيصير المعنى: ولا تُطِع واحدًا منهما، فيجيء العموم فيهما من جهة النَّهي الدَّاخل، بخلاف الإثبات، فإنَّه قد يفعل أحدهما دون الآخر؛ وهومعنًى دقيقٌ، والحاصل: أنَّك إذا عطفتَ ﴿أَوِ الْحَوَايَا أَوْ مَا اخْتَلَطَ بِعَظْمٍ﴾ على ﴿شُحُومَهُمَا﴾ دخلت الثَّلاث تحت حكم النَّفي، فيحرم الكلُّ سوى ما استُثني منها (٨)، وإذا


(١) في (د): «بالمثلثة».
(٢) في (ص): «وشحوم».
(٣) في (د): «والمستثنى».
(٤) في (ب) و (س): «علق».
(٥) في (د): «عطفها».
(٦) «على»: سقط من (ص).
(٧) في (م): «أو»، وليس بصحيحٍ.
(٨) في (د): «منه».

<<  <  ج: ص:  >  >>