للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

العدد (١)، وقيل: كانوا يستحلُّون القتال في المحرَّم لطول مدة التَّحريم بتوالي ثلاثة أشهرٍ محرَّمةٍ، ثمَّ يحرِّمون صفر مكانه، فكأنَّهم يقترضونه ثمَّ يوفونه، وقيل: كانوا يُحلِّون المحرَّم مع صفر من عامٍ (٢) ويسمونهما صَفَرَين، ثمَّ يحرِّمونها من عامٍ قابلٍ ويسمُّونها مُحرَّمَين، وقيل: بل كانوا ربَّما احتاجوا إلى صفر أيضًا فأحلُّوه وجعلوا مكانه ربيعًا، ثمَّ يدور كذلك التَّحريم والتَّحليل بالتَّأخير على السَّنة كلِّها، إلى أن جاء الإسلام فوافق حجَّةَ الوداع رجوعُ التَّحريم إلى المحرَّم الحقيقيِّ، وصار الحجُّ مختصًّا بوقتٍ معينٍ، واستقام حساب السَّنة، ورجع إلى الأصل (٣) الموضوع يوم خلق السَّموات والأرض (السَّنَةُ) العربيَّة الهلاليَّة: (اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا) على ما توارثوه من إبراهيم وإسماعيل عليهما الصلاة والسلام، وذلك بعدد البروج التي تدور الشَّمس فيها السَّنة الشَّمسيَّة، فإذا دار القمر فيها كلِّها؛ كملت دورته السَّنوية، وإنَّما جعل الله تعالى الاعتبار بدور القمر؛ لأنَّ ظهوره في السَّماء لا يُحتاج إلى حسابٍ ولا (٤) كتابٍ، بل هو أمرٌ ظاهرٌ مشاهدٌ (٥) بالبصر، بخلاف سير الشَّمس، فإنَّه تَحتَاج معرفته إلى حسابٍ، فلم يحوجنا إلى ذلك كما قال : «إنَّا أمَّةٌ أميَّةٌ، لا نكتب ولا نحسب، الشَّهر هكذا وهكذا … » الحديث [خ¦١٩١٣].

واعلم أنَّ «السَّنة» و «الحول» و «العام» مترادفةٌ، فمعناها واحدٌ، كما هو ظاهر كلام كثيرٍ من اللُّغويِّين، وهي مشتملةٌ على ثلاث مئةٍ وأربعةٍ وخمسين يومًا وخمس (٦) وسدس يومٍ، كذا ذكره صاحب «المهذَّب» من الشَّافعية في «الطَّلاق»، قالوا: لأنَّ شهرًا منها ثلاثون، وشهرًا تسعٌ وعشرون، إلَّا ذا الحجَّة فإنَّه تسعٌ وعشرون وخُمُسُ يومٍ وسدس يومٍ، واستشكله بعضهم وقال: لا أدري ما وجه زيادة الخمس والسُّدس، وصحَّح بعضهم أنَّ السَّنة الهلاليَّة ثلاث مئةٍ وخمسةٌ وخمسون يومًا، وبه جزم ابن دحية في كتاب «التَّنوير»، وذلك مقدار قطع البروج الاثني عشر التي


(١) في (د): «القدر».
(٢) قوله: «فكأنَّهم يقترضونه ثمَّ يوفونه، وقيل: كانوا يُحلِّون المحرَّم مع صفر من عام»، سقط من (د).
(٣) في (د): «الأصل إلى»، وسقط منها «الموضوع».
(٤) زيد في (د): «إلى».
(٥) في (ب): «يشاهد».
(٦) «وخمس»: ليس في (ص).

<<  <  ج: ص:  >  >>