للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بذلك في حجَّة أبي بكرٍ، فلو لم تكن في ذي الحجَّة لَمَا قال تعالى: ﴿يَوْمَ الْحَجِّ الأَكْبَرِ﴾.

(مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ) لِعِظَم حرمتها وعِظَم (١) الذَّنب فيها، أو لتحريم القتال فيها (ثَلَاثٌ مُتَوَالِيَاتٌ) أي: متتابعاتٌ، وهو تفسيرٌ للأربعة الحرم، قال ابن التِّين -فيما نقله في «الفتح» -: الصَّواب: ثلاثةٌ متواليةٌ؛ يعني: لأنَّ المميَّز الشَّهر، قال: ولعلَّه أعاد على المعنى، أي: ثلاث مددٍ متوالياتٍ، لكن إذا لم يُذكَر التَّمييز (٢) جاز التَّذكير والتَّأنيث، ولأبي ذرٍّ: «ثلاثةٌ متوالياتٌ» (ذُو القَعْدَةِ، وَذُو الحَجَّةِ) بفتح القاف والحاء (وَالمُحَرَّمُ، وَرَجَبُ مُضَرَ) وهي القبيلة المشهورة، وأضافه إليها (٣) لأنَّهم كانوا متمسِّكين بتعظيمه (الَّذِي بَيْنَ جُمَادَى) الآخرة (وَشَعْبَانَ) وهذا تأكيدٌ وتصحيح لقول مُضَر، نافيًا به قول ربيعة: إنَّ رجبًا المحرَّم هو الشَّهر الذي بين شعبان وشوَّال؛ وهو رمضان اليوم، وإنَّما كانت الأشهر الأربعة ثلاثةٌ سردٌ وواحدٌ فردٌ؛ لأجل أداء مناسك الحجِّ والعمرة، فحُرِّم قبل شهر الحجِّ شهرٌ؛ ليُسَار فيه إلى الحجِّ، وهو ذو القعدة؛ لأنَّهم يقعدون فيه عن القتال، وحُرِّم شهر ذي الحجَّة؛ لأنَّهم يوقعون (٤) فيه الحجَّ، ويشتغلون بأداء المناسك، وحُرِّم بعده شهرٌ آخر وهو المحرَّم؛ ليرجعوا (٥) فيه إلى أقصى بلادهم آمنين، وحُرِّم رجب في وسط الحول؛ لأجل زيارة البيت والاعتمار به، لمن يقدم إليه من أقصى جزيرة العرب، فيزوره ثمَّ يعود إلى وطنه آمنًا، وقد تمسَّك من قال: بأنَّها من سنتين بقوله: ثلاثٌ متوالياتٌ، من حيث كونها ثلاثًا متوالياتٍ؛ (٦) ذو القعدة وذو الحجَّة والمحرَّم، وواحدٌ فردٌ وهو رجب، وقد روي من حديث ابن عمر مرفوعًا: «أوَّلهنَّ رجب»، لكن في إسناده ضَعْفٌ، وعن أهل المدينة: أنَّها من سنتين، وأوَّلها ذو القعدة ثمَّ ذو الحجَّة ثمَّ المحرَّم، ثمَّ رجب آخرها، وعن بعض أهل المدينة أيضًا: إنَّ أوَّلها رجب ثمَّ ذو القعدة ثمَّ ذو الحجَّة ثمَّ المحرَّم، وعن أهل الكوفة: إنَّها من سنةٍ واحدةٍ، أوَّلها المحرَّم ثمَّ رجب ثمَّ ذو القعدة ثمَّ ذو الحجَّة،


(١) في (ص) وهامش (م): «حرمة».
(٢) في (د): «المميَّز».
(٣) في (د) و (م): «إليهم».
(٤) في (ص): «يوقون».
(٥) في (ج) و (ل): «ليرجعون».
(٦) زيد في (ب) و (س): «وهي».

<<  <  ج: ص:  >  >>