للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الشَّمس؛ فإنَّها تكلُّ البصر، فلا يتمكَّن البصر من رؤيتها (١) والتَّقييد بالقطعة مع كثرة ما ورد في كثير من كلام البلغاء من التَّشبيه بالقمر من غير تقييدٍ، وقد كان كعبٌ قائل هذا من شعراء الصَّحابة، فلا بدَّ في التَّقييد بذلك من حكمةٍ، وما قيل في ذلك من الاحتراز (٢) من السَّواد الَّذي في القمر ليس بقويٍّ؛ لأنَّ المراد بتشبيهه (٣) ما في القمر من الضِّياء والاستنارة، وهو في تمامه لا يكون فيها أقلَّ ممَّا (٤) في القطعة المجرَّدة، فكأنَّ التَّشبيه وقع على بعض الوجه، فناسبَ أن يشبَّه ببعض (٥) القمر (وَكُنَّا أَيُّهَا الثَّلَاثَةُ) بلفظ النِّداء، ومعناه: الاختصاص (الَّذِينَ خُلِّفُوا) ولأبي ذَرٍّ: «خلفنا» (عَنِ الأَمْرِ الَّذِي قُبِلَ) بضمِّ أوَّله مبنيًّا للمفعول كالسَّابق (مِنْ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ اعْتَذَرُوا) ووكَّل سرائرهم (٦) إلى الله ﷿، وليس المراد التخلُّف (٧) عن الغزو، بل التَّخلُّف عن حكم أمثالهم من المتخلِّفين عن الغزو الَّذين اعتذروا وقُبِلُوا (حِينَ أَنْزَلَ اللهُ) ﷿ (لَنَا التَّوْبَةَ، فَلَمَّا ذُكِرَ) بضمِّ الذَّال (الَّذِينَ كَذَبُوا رَسُولَ اللهِ مِنَ المُتَخَلِّفِينَ) بتخفيف ذال «كَذَبوا» ونصب «رسولَ»؛ لأنَّ «كَذَبَ» يتعدَّى بدون الصِّلة (فَاعْتَذَرُوا بِالبَاطِلِ؛ ذُكِرُوا بِشَرِّ مَا ذُكِرَ بِهِ أَحَدٌ، قَالَ اللهُ : ﴿يَعْتَذِرُونَ إِلَيْكُمْ﴾) أي: في التَّخلُّف (﴿إِذَا رَجَعْتُمْ إِلَيْهِمْ﴾) من الغزو (﴿قُل لاَّ تَعْتَذِرُواْ﴾) بالمعاذير الكاذبة (﴿لَن نُّؤْمِنَ لَكُمْ﴾) لن نصدِّقكم أنَّ لكم عذرًا (﴿قَدْ نَبَّأَنَا اللّهُ مِنْ أَخْبَارِكُمْ وَسَيَرَى اللّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ﴾ الاية [التوبة: ٩٤]) يعني: إن تبتم وأصلحتم؛ رأى الله عملكم وجازاكم (٨) عليه، وذِكْرُ الرَّسولِ لأنَّه شهيدٌ عليهم (٩) ولهم، وسقط قوله: «الآيةَ» لأبي ذَرٍّ.

وهذا الحديث قطعةٌ من حديث كعبٍ، وقد ذكره المؤلِّف تامَّا في «المغازي» [خ¦٤٤١٨].


(١) «من رؤيتها»: ليس في (د) و (م)، وفي (ص): «النَّظر إليها».
(٢) في (ب) و (س): «أنَّه احتراز».
(٣) في (د): «تشبيه»، ولا يصحُّ.
(٤) في (ص): «ما»، وهو تحريفٌ.
(٥) في (ص): «بعض».
(٦) في (ص): «أمرهم».
(٧) في (د): «بالتَّخلُّف».
(٨) في (د): «وجزاكم».
(٩) في (ص): «عليكم»، ولا يصحُّ.

<<  <  ج: ص:  >  >>