للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

وقوله: (﴿أَفَلَمْ يَيْأَسِ﴾ [الرعد: ٣١]) أي: (لَمْ) ولأبي ذَرٍّ: «أفلم (١)» ((يَتَبَيَّنْ)) وبها قرأ عليٌّ وابن عبَّاسٍ وغيرهما، وردَّه الفرَّاء بأنَّه لم يسمع «يئستُ» بمعنى: علمتُ، وأُجِيبَ بأنَّ مَن حفظ حجَّةٌ على مَن لم يحفظ، ويدلُّ على ذلك قراءة عليٍّ وغيره كما مرَّ، وقد قال القاسم بن معنٍ (٢)؛ وهو من ثقات الكوفيِّين: هي لغة هوازن، وقال ابن الكلبيِّ: هي لغة حيٍّ من النَّخع، ومنه قول رباح بن عديٍّ:

أَلَمْ يَيْئَسِ الأَقْوامُ أنِّي أنا ابنُه … وَإِنْ كُنتُ عن أرضِ العشيرةِ نائيًا

وقول سُحَيْم الرِّياحي:

أقولُ لهم بالشِّعْبِ إذ يَيْسرُونَنِي … ألم تَيْئَسوا أنِّي ابنُ فارسِ زَهْدَمِ

والمعنى: أفلم يعلم المؤمنون أنه لو تعلَّقت مشيئة الله تعالى على وجه الإلجاء بإيمان النَّاس جميعًا؛ لآمنوا.

(﴿قَارِعَةٌ﴾ [الرعد: ٣١]) أي: (دَاهِيَةٌ) تقرعهم وتقلقلهم.

(﴿فَأَمْلَيْتُ﴾ [الرعد: ٣٢]) أي: (أَطَلْتُ) للَّذين كفروا المدَّة بتأخير العقوبة (مِنَ المَلِيِّ) بفتح الميم وكسر اللَّام وتشديد التَّحتيَّة. قال في «الصَّحاح»: الطَّويل (٣) من الدَّهر، يُقال: أقام مليًّا من الدَّهر، قال تعالى: ﴿وَاهْجُرْنِي مَلِيًّا﴾ [مريم: ٤٦] أي: طويلًا، ومضى مليٌّ من النَّهار، أي: ساعةٌ طويلةٌ (وَالِملَاوَةُ) بكسر الميم، ولأبي ذَرٍّ: «والمُلاوة» (٤) بضمِّها، يقال: أقمت عنده ملاوةً من الدَّهر، أي: حينًا وبرهةً (وَمِنْهُ: ﴿مَلِيًّا﴾ [مريم: ٤٦]) كما مرَّ (وَيُقَالُ لِلْوَاسِعِ الطَّوِيلِ مِنَ الأَرْضِ) وهو


(١) في (د): «فلم».
(٢) في (د): «معين».
(٣) في غير (د) و (م): «الهويُّ».
(٤) في (ص): «الملأ»، ولا يصحُّ.

<<  <  ج: ص:  >  >>