للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

نصٌّ في وجوب الطَّهارة، وتعقَّبه أبو (١) عبد الله الأُبِّيُّ بأنَّ الحديث إنَّما فيه أنَّها شرطٌ في القبول، والقبولُ أخصّ من الصِّحَّة، وشرط الأخصِّ لا يجب أن يكون شرطًا في الأعمِّ، وإنَّما كان القبول أخصّ لأنَّ حصول الثَّواب على الفعل، والصِّحَّة وقوع الفعل مطابقًا للأمر، فكلُّ مُتقبَّلٍ صحيحٌ دون العكس، والذي ينتفي بانتفاء الشَّرط الذي هو الطَّهارة القبولُ لا الصِّحَّة، وإذا لم تنتفِ الصِّحَّة لم يتمَّ الاستدلال بالحديث، والفقهاء يحتجُّون (٢) به، وفيه من البحث ما سمعت، فإن قلت: إذا فُسِّرَتِ (٣) الصِّحَّة بأنَّها وقوع الفعل مطابقًا للأمر فالقواعد تدلُّ على أنَّ الفعل إذا وقع مطابقًا للأمر كان سببًا في حصول الثَّواب، قلت: غرضنا إبطال التَّمسُّك بالحديث من قبل الشَّرطيَّة، وقد اتَّضح، ثمَّ نمنع أنَّها سببٌ في حصول الثَّواب لأنَّ الأعمَّ ليس سببًا في حصول أخصِّه المُعيَّن. انتهى. ويُجاب بأنَّ المُرَاد بالقبول هنا ما يرادف الصِّحَّة، وهو الإجزاء، وحقيقة القبول: ثمرة وقوع الطَّاعة مجزِئةً رافعةً لمَا في الذِّمَّة، ولمَّا كان الإتيان بشروطها مظنَّة الإجزاء الذي القبول ثمرته عبَّر عنه بالقبول مجازًا؛ لأنَّ الغرض من الصِّحَّة مُطابَقَة العبادة للأمر، وإذا حصل ذلك ترتَّب عليه القبول، وإذا انتفى القبول انتفتِ الصِّحَّة، لِما قام من الأدلَّة على كون القبول من لوازمها، فإذا انتفى انتفت، وأمَّا القبول المنفيُّ في نحو قوله: «من أتى عرَّافًا لم يقبل له صلاة» فهو الحقيقيُّ؛ لأنَّه قد يصحُّ العمل ويتخلَّف القبول لمانعٍ، ولهذا كان بعض السَّلف يقول: «لأن تُقبَل لي (٤) صلاةٌ واحدةٌ أحبُّ إليَّ من جميع الدُّنيا». قال (٥) ابن عمر (٦): لأنَّ الله تعالى قال: ﴿إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ﴾ [المائدة: ٢٧].


(١) في (د): «ابن»، وليس بصحيحٍ.
(٢) في (ص): «محتجون».
(٣) في (م): «فسَّرنا».
(٤) «لي»: سقط من (د).
(٥) في (م): «قاله».
(٦) في (م): «عمرو»، وليس بصحيحٍ.

<<  <  ج: ص:  >  >>