للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ولو وقع، قال في «فتح الباري»: ويُستفاد من قول عيسى في حقِّ نبيِّنا هذا، ومن قول موسى: «إنِّي قتلت نفسًا» «وإن يغفر لي اليوم حسبي» مع أنَّ الله قد غفر له بنصِّ القرآن، التَّفرقةُ بين من وقع منه شيءٌ ومن لم يقع منه شيءٌ أصلًا، فإنَّ موسى مع وقوع المغفرة له لم يرتفع إشفاقه من المؤاخذة بذلك (١)، أو رأى في نفسه تقصيرًا عن مقام الشَّفاعة مع وجود ما صدر منه، بخلاف نبينا في ذلك كلِّه، ومن ثمَّ احتجَّ عيسى بأنَّه صاحب الشَّفاعة؛ لأنَّه غُفِرَ له ما تقدَّم من ذنبه وما تأخَّر؛ بمعنى: أنَّ الله أخبر أَلَّا يؤاخذه بذنبٍ ولو وقع منه، قال: وهذا من النَّفائس الَّتي فتح الله بها في «فتح الباري» فله الحمد، وقال القاضي عياضٌ: ويحتمل أنَّهم علموا أنَّ صاحبها محمَّدٌ (٢) معيَّنًا، وتكون إحالة كلِّ واحدٍ منهم على الآخر على تدريج الشَّفاعة في ذلك إليه ؛ إظهارًا لشرفه في ذلك المقام العظيم (اشْفَعْ لَنَا إِلَى رَبِّكَ، أَلَا تَرَى إِلَى مَا نَحْنُ فِيهِ) من الكرب؟ (فَأَنْطَلِقُ فَآتِي تَحْتَ العَرْشِ، فَأَقَعُ سَاجِدًا لِرَبِّي ﷿ زاد في حديث أبي بكرٍ الصِّدِّيق عند أبي عوانة «قدر جمعة» (ثُمَّ يَفْتَحُ اللهُ عَلَيَّ مِنْ مَحَامِدِهِ وَحُسْنِ الثَّنَاءِ عَلَيْهِ شَيْئًا لَمْ يَفْتَحْهُ عَلَى أَحَدٍ قَبْلِي) وفي حديث أُبيِّ بن كعبٍ عند أبي يَعلى رفعه: «يعرِّفني (٣) الله نفسه، فأسجد له سجدةً يرضى بها عنِّي، ثمَّ أمتدحه بمدحةٍ (٤) يرضى بها عنِّي» (ثُمَّ يُقَالُ: يَا مُحَمَّدُ ارْفَعْ رَأْسَكَ، سَلْ تُعْطَهْ) بسكون الهاء (وَاشْفَعْ تُشَفَّعْ) مبنيٌّ للمفعول؛ مِن التَّشفيع، أي: تُقبَل شفاعتك (فَأَرْفَعُ رَأْسِي، فَأَقُولُ: أُمَّتِي يَا رَبِّ، أُمَّتِي يَا رَبِّ) مرَّتين، ولأبي ذَرٍّ: «أمَّتي يا رب» فزاد ثالثةً (فَيُقَالُ (٥): يَا مُحَمَّدُ أَدْخِلْ مِنْ أُمَّتِكَ) بكسر الخاء: أمرٌ مِن الإدخال، أي: الجنَّةَ (مَنْ لَا حِسَابَ عَلَيْهِمْ مِنَ البَابِ الأَيْمَنِ مِنْ أَبْوَابِ الجَنَّةِ) وهم سبعون ألفًا، وهم أوَّل من يدخلها


(١) في (د): «في ذلك».
(٢) «محمَّد»: ليس في (د).
(٣) في (ص): «يرفعني»، وكلاهما صحيحٌ.
(٤) في (ص): «حتَّى».
(٥) في (م): «فيقول».

<<  <  ج: ص:  >  >>