للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أوَّله وفتح ثالثه (يَوْمَ القِيَامَةِ) على رؤوس الأشهاد حال كونهم (غُرًّا) بضمِّ الغَيْن المُعجَمَة وتشديد الرَّاء، جمع أَغَرَّ، أي: ذو غُرَّةٍ، وهي بياضٌ في الجبهة، والمُرَاد به: النُّور يكون في وجوههم، وحال كونهم (مُحَجَّلِينَ) مِنَ التَّحجيل، وهو بياضٌ في اليدين والرِّجلين، والمُرَاد به: النُّور أيضًا، أي: يُدْعَوْن إلى يوم القيامة وهم بهذه الصِّفة، فيكون مُعدًّى بـ «إلى» نحو: ﴿يُدْعَوْنَ إِلَى كِتَابِ اللّهِ﴾ [آل عمران: ٢٣] وتعقَّبه الدَّمامينيُّ بأنَّ حذف مثل هذا الحرف ونصب المجرور بعد حذفه غير مقيسٍ، قال: ولنا مندوحةٌ عن ارتكابه بأن يُجعَل (١) «يوم القيامة» ظرفًا، أي: يُدعَوْنَ فيه غُرًّا مُحجَّلين. انتهى. وقال ابن دقيق العيد: أو مفعولٌ ثانٍ لـ «يُدْعَون» بمعنى: يُنادَون على رؤوس الأشهاد بذلك، أو بمعنى يُسمَّون بذلك (٢)، فإن قلت: الغُرَّة والتَّحجيل في الآخرة (٣) صفاتٌ لازمةٌ غير مُنتقلةٍ، فكيف يكونان حالين؟ أُجِيب بأنَّ الحال تكون منتقلةً، أو في حكم المنتقلة إذا كانت وصفًا ثابتًا مُؤكِّدًا نحو قوله تعالى: ﴿وَهُوَ الْحَقُّ مُصَدِّقاً﴾ [البقرة: ٩١] ومنه: خلق الله الزَّرافةَ يديها أطولَ من رجليها، فـ «أطول»: حالٌ لازمةٌ غير منتقلةٍ، لكنَّها في حكم المنتقلة لأنَّ المعلوم من سائر الحيوانات استواءُ القوائم الأربع، فلا يخبر بهذا الأمر إلَّا من يعرفه، وكذلك هنا المعلوم في (٤) سائر الخلق عدم الغُرَّة والتَّحجيل، فلمَّا جعل الله ذلك (٥) لهذه الأمَّة دون سائر الأمم صارت في حكم المنتقلة بهذا المعنى، ويحتمل أن تكون هذه علامةً لهم في الموقف وعند الحوض، ثمَّ


(١) في (ب) و (س): «نجعل».
(٢) قوله: «فيكون مُعدًّى بإلى؛ نحو … الأشهاد بذلك، أو بمعنى يُسمَّون بذلك» جاء في (ص) لاحقًا قبل قوله: «من آثار الوضوء».
(٣) «في الآخرة»: سقط من (ص).
(٤) في (ص): «المُعلَّق من».
(٥) في (ص) و (ج): «كذلك».

<<  <  ج: ص:  >  >>