للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ثم قال الخضرُ لموسى: (مَنْ أَنْتَ؟ قَالَ: أَنَا مُوسَى، قَالَ) له: (مُوسَى (١) بَنِي إِسْرَائِيلَ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: فَمَا شَأْنُكَ؟) أي: ما الذي جئت (٢) تطلب؟ (قَالَ: جِئْتُ) إليك (لِتُعَلِّمَنِي مِمَّا عُلِّمْتَ رَشَدًا) أي: علمًا ذا رَشَدٍ (قَالَ) الخضرُ: يا موسى (أَمَا يَكْفِيكَ أَنَّ التَّوْرَاةَ بِيَدَيْكَ) بالتثنية (وَأَنَّ الوَحْيَ يَأْتِيكَ) مِنَ الله على لسان جبريل، وهذه الزيادة ليست في رواية سفيان [خ¦٤٧٢٥] فالظاهر أنَّها مِن رواية يعلى بن مسلم (يَا مُوسَى إِنَّ لِي عِلْمًا لَا يَنْبَغِي لَكَ أَنْ تَعْلَمَهُ) أي: كلَّه (وَإِنَّ لَكَ عِلْمًا لَا يَنْبَغِي لِي أَنْ أَعْلَمَهُ) أي: كلَّه، وتقدير هذا ونحوه متعيِّنٌ -كما قال في «الفتح» - لأنَّ الخضرَ كان يعرفُ مِن الحُكمِ الظَّاهرِ ما لا غِنى للمكلَّف عنه، وموسى كان يعرفُ مِنَ الحُكم الباطنِ ما يأتيه بطريقِ الوحي، وقال البِرماويُّ كالكِرمانيِّ: وإنَّما قال: لا ينبغي لي أن أعلمه؛ لأنَّه إن كان نبيًّا فلا يجبُ عليه تعلُّمُ شريعةِ نبيٍّ آخر، وإن كان وليًّا فلعلَّه مأمورٌ بمتابعة نبيٍّ غيرِه، وقوله: «يا موسى» ثابتٌ لأبي ذرٍّ عن الحَمُّويي، ساقط لغيره (٣) (فَأَخَذَ طَائِرٌ) عصفورٌ (بِمِنْقَارِهِ مِنَ البَحْرِ) ماءً (وَقَالَ) بالواو، ولأبي ذَرٍّ: «فقال» أي: الخضرُ: (وَاللهِ مَا عِلْمِي وَمَا عِلْمُكَ فِي جَنْبِ عِلْمِ اللهِ، إِلَّا كَمَا أَخَذَ هَذَا الطَّائِرُ بِمِنْقَارِهِ مِنَ البَحْرِ) وفي الرواية السابقة [خ¦٤٧٢٥] «ما علمي وعلمك من علم الله إلَّا مثلُ ما نَقَصَ هذا العصفورُ مِن هذا البحر» ولفظ النقص ليس على ظاهرِه، وإنَّما معناه: أنَّ علمي وعلمك بالنسبة إلى علم الله تعالى كنسبة ما أخذَه العصفورُ بمنقاره إلى ماءِ البحر، وهذا على التقريب إلى الأفهام، وإلَّا فنسبةُ علمِهِما إلى علم الله أقلُّ.

وروى النَّسائيُّ مِن وجهٍ آخرَ عنِ ابن عبَّاسٍ: «أنَّ الخضِرَ قال لموسى: أتدري ما يقولُ هذا الطائرُ؟ قال: لا، قال: يقولُ: ما عِلمُكُما الذي تعلمان (٤) في علم الله إلَّا مثلُ ما نقص مِنقاري مِن جميع هذا البحر» وظاهرُ هذه الرواية كما في «الفتح» أنَّ الطائرَ نَقَرَ في البحر عقب قول الخَضِرِ لموسى: يا موسى إنَّ لي علمًا … وفي رواية سفيان: أنَّ ذلك وقع بعد ما خرق السفينة، فيُجْمَعُ


(١) في غير (د): «أموسى».
(٢) «جئت»: مثبت من (ب) و (م).
(٣) قوله: «وقوله: يا موسى ثابتٌ لأبي ذرٍّ عن الحَمُّويي، ساقط لغيره»، سقط من (د).
(٤) في (د): «تعلمانه».

<<  <  ج: ص:  >  >>