للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بحاله وأطلعَه على سرِّه، وقال له: اقتل الغلام؛ لأنَّا نكره -كراهية من خاف سوء العاقبة- أن يغشَى الغلامُ الوالدين المؤمنين (﴿طُغْيَانًا وَكُفْرًا﴾) قال ابن جُريج: عن يَعلى بن مسلمٍ عن سعيد بن جُبير معناه: (أَنْ يَحْمِلَهُمَا حُبُّهُ عَلَى أَنْ يُتَابِعَاهُ عَلَى دِينِهِ) فإنَّ حُبَّ الشَّيءِ يُعمي ويُصِمُّ، وقال أبو عُبيدة في قوله: ﴿يُرْهِقَهُمَا﴾ أي: يغشاهما، وقال قَتادة: فَرِحَ به أبواه حين وُلد، وحزنا عليه حين قُتل، ولو بقي كان فيه هلاكُهُما، فليرضَ المرءُ بقضاء الله؛ فإنَّ قضاءَ الله (١) للمؤمِنِ فيما يكره خيرٌ له مِن قضائِه فيما يحبُّ، وصح في الحديث: «لا يقضي اللهُ للمؤمن قضاءً إلَّا كان خيرًا له» (﴿فَأَرَدْنَا أَن يُبْدِلَهُمَا رَبُّهُمَا خَيْرًا مِّنْهُ﴾) أي: أن يرزُقَهُما بدلَه ولدًا خيرًا منه (﴿زَكَاةً﴾) طهارةً مِنَ الذنوب والأخلاق الرديئة (﴿وَأَقْرَبَ رُحْمًا﴾) (٢) وذكرَ هذا مناسبةً (لِقَوْلِهِ: ﴿أَقَتَلْتَ نَفْسًا زَكِيَّةً﴾) بالتشديد (﴿وَأَقْرَبَ رُحْمًا﴾ [الكهف: ٨١]) أي: (هُمَا) أي: الأبوان (بِهِ) أي: بالولد الذي سيُرزَقانِه (أَرْحَمُ مِنْهُمَا بِالأَوَّلِ الَّذِي قَتَلَ خَضِرٌ) وقيل: رحمةً وعطفًا على والديه، وسقط لأبي ذرٍّ «﴿وَأَقْرَبَ رُحْمًا﴾» واقتصر على واحدٍة منهما (٣)، قال ابن جُريج: (وَزَعَمَ غَيْرُ سَعِيدٍ) أي: ابن جُبير (أَنَّهُمَا أُبْدِلَا جَارِيَةً) مكانَ المقتول، فولدت نبيًّا مِنَ الأنبياء، رواه النَّسائيُّ، ولابن أبي حاتم من طريق السُّدِّيِّ قال: فولدت (٤) جاريةً فولدت نبيًّا، وهو الذي كان بعدَ موسى، فقالوا له: ﴿ابْعَثْ لَنَا مَلِكًا نُّقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللّهِ﴾ [البقرة: ٢٤٦] واسمُ هذا النَّبيِّ شمعون، واسمُ أمِّه حنة، وفي «تفسير ابن الكلبيِّ»: فولدت (٥) جاريةً ولدت عدَّة أنبياء، فهدى اللهُ بهم أُممًا، وقيل: عدَّةُ مِن جاء من ولدها مِن الأنبياء سبعونَ نبيًّا، وعند ابن مردويه من حديث أُبيِّ بنِ كعبٍ: أنَّها ولدتْ غلامًا، لكن إسناده ضعيف، كما قال (٦) في «الفتح» قال ابن جريج: (وَأَمَّا دَاوُدُ بْنُ أَبِي عَاصِمٍ) أي: ابنِ عروةَ الثَّقفيُّ التَّابعيُّ الصَّغير (فَقَالَ عَنْ غَيْرِ وَاحِدٍ: إِنَّهَا جَارِيَةٌ) وهذا هو المشهورُ، ورُوي مثلُه عن يعقوبَ أخي (٧) داود ممَّا رواه الطَّبريُّ، وقال ابن جُريج: لمَّا قتلَه الخضِرُ كانت أُمُّه حاملًا بغلامٍ مسلمٍ، ذكره ابنُ كثير


(١) «فإنَّ قضاء الله»: ليس في (ص).
(٢) «﴿وَأَقْرَبَ رُحْمًا﴾»: سقط من (د).
(٣) قوله: «وسقط لأبي ذرٍّ: ﴿وَأَقْرَبَ رُحْمًا﴾ واقتصر على واحدٍة منهما»، سقط من (د) و (م).
(٤) في (ب) و (س): «ولدت».
(٥) في (د): «ولدت».
(٦) في غير (د): «قاله».
(٧) في (د): «أبي».

<<  <  ج: ص:  >  >>