للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الهمزة والموحَّدة وتشديد اللَّام المفتوحة؛ مدينة قرب بصرة وعبَّادان (﴿لَّقَدْ جِئْتَ شَيْئًا نُّكْرًا﴾) منكرًا (﴿قَالَ﴾) الخضر: (﴿أَلَمْ أَقُل لَّكَ إِنَّكَ لَن تَسْتَطِيعَ مَعِي صَبْرًا﴾) وأتى بـ ﴿لَّكَ﴾ مع ﴿نُّكْرًا﴾ بخلاف ﴿إِمْرًا﴾ قيل: لأنَّ النُّكْر أبلغُ؛ لأنَّ معه القتلُ الحتْمُ، بخلاف خرقِ (١) السفينة؛ فإنَّه يمكن تدارُكُه (إِلَى قَوْلِهِ: ﴿فَأَبَوْا أَن يُضَيِّفُوهُمَا فَوَجَدَا فِيهَا جِدَارًا يُرِيدُ أَنْ يَنقَضَّ﴾) أن (٢) يسقط (فَقَالَ) الخضِرُ (بِيَدِهِ هَكَذَا ﴿فَأَقَامَهُ﴾ فَقَالَ لَهُ مُوسَى: إِنَّا دَخَلْنَا هَذِهِ القَرْيَةَ فَلَمْ يُضَيِّفُونَا وَلَمْ يُطْعِمُونَا، ﴿لَوْ شِئْتَ لَاتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْرًا. قَالَ هَذَا فِرَاقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ﴾) قال في «الأنوار»: الإشارة إلى الفراق الموعود بقوله: فلا تصاحبني، أو إلى الاعتراض الثالث، أو الوقت، أي: هذا الاعتراض سبب فِراقنا، أو هذا الوقت وقته (﴿سَأُنَبِّئُكَ بِتَأْوِيلِ مَا لَمْ تَسْتَطِع عَّلَيْهِ صَبْرًا﴾ [الكهف: ٧٨]) لكونه (٣) منكرًا من حيثُ الظاهرُ، وقد كانت أحكام موسى -كغيرِه من الأنبياء- مبنيَّةً على الظَّواهر؛ ولذا أنكر خرق السفينة وقتل الغلام؛ إذِ التَّصرُّف في أموال الناس وأرواحِهِم بغير حقٍّ حرامٌ في الشَّرع الذي شرعه الله لأنبيائه ؛ إذ لم يكلِّفنا إلى الكشف عن البواطن؛ لِمَا في ذلك من الحَرَج، وأمَّا وقوع ذلك من الخضر فالظاهر أنَّه قد شُرع له أن يعمل بما كُشِفَ له من بواطن الأسرار، واطلع عليه من حقائق الأستار، فلمَّا عَلِمَ الخضرُ علمًا يقينًا أنَّه إن لم (٤) يعبِ السفينةَ بالخرق غصبها الملكُ؛ وجب عليه ذلك دفعًا للضرر عن مُلَّاكِها؛ إذ لو تركها ولم يَعِبْها فاتت بالكُلِّيَّة عليهم بأخذ الملك لها (٥)، وكذا قتل الغلام؛ فإنَّه علم بالوحيِ أنَّه إن لم يقتلْه تَبِعَه أبواه على الكفر لمزيد محبَّتِهِما له، فكانتِ المضرَّةُ بقتله أيسرَ مِن إبقائه، لا سيَّما والمطبوع على الكفر الذي لا يُرجى إيمانه كان قتلُه في شريعتهم واجبًا؛ لأنَّ أخذ الجزية لم يكن سائغًا لهم، وقد رزقَهُما الله خيرًا منه كما مرَّ، ولو ترك الجدار حتى يسقطَ ضاعَ مالُ أولئك الأيتام، فكانت المصلحةُ التَّامة في إقامته، ولعلَّ ذلك كان واجبًا عليه.

(فَقَالَ رَسُولُ اللهِ : وَدِدْنَا) بكسر الدال الأولى وسكون الثانية (أنَّ مُوسَى صَبَرَ حَتَّى


(١) في (م): «غرق».
(٢) في (ص): «أي».
(٣) في (د): «لكونك».
(٤) في (د): «لو».
(٥) «لها»: ليس في (د).

<<  <  ج: ص:  >  >>