للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

«أمنيتُه قراءتُه» بالرفع فيهما (١)، وفي بعض الأصول وكثيرٍ مِنَ النسخ: «أمنيتِه قراءتِه» بجرِّهما على ما لا يخفى.

(﴿إِلاَّ أَمَانِيَّ﴾) بـ «البقرة» [الآية: ٧٨] أي: (يَقْرَؤونَ وَلَا يَكْتُبُونَ) وهذا أورده المؤلِّف استشهادًا على أنَّ ﴿تَمَنَّى﴾ في قوله تعالى في هذه السورة: ﴿إِلَّا إِذَا تَمَنَّى﴾ بمعنى: قَرَأَ، وهو خِلافُ ما فسَّره به صاحبُ «الأنوار» حيث قال: ﴿إِذَا تَمَنَّى﴾ إذا زوَّر في نفسِه ما يهواه: ألقى الشيطانُ في أُمْنِيَّتِهِ في تشهيه ما يُوجِبُ اشتغالَه بالدنيا، كما قال : «إنَّه لَيُغَانُ على قلبي فأستغفرُ الله في اليوم سبعينَ مرَّة» فينسخُ الله ما يُلقى الشيطانُ فيُبْطِلُه اللهُ ويذهَبُ به بعصمتِه عنِ الرُّكونِ إليه والإرشادِ إلى ما يزيحه، ﴿ثُمَّ يُحْكِمُ اللهُ آيَاتِهِ﴾: ثمَّ يُثبِّتُ آياتهِ الداعيةَ إلى الاستغراق في أمر الآخرة، قيل: إنَّه حدَّث نفسه -يعني: النَّبيَّ بزوال المسكنة، فنزلت. انتهى. والحامل له على هذا التفسير كغيره: ما في ظاهر هذه القصَّة مِنَ البشاعة، وقد رواها (٢) ابن أبي حاتم والطَّبريُّ وابنُ المنذر من طرق عن شعبةَ عن أبي بشرٍ عن سعيد بن جُبيرٍ قال: «قرأ رسول الله بمكَّة «النَّجم» فلمَّا بلغ: ﴿أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى. وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْرَى﴾ [النجم: ١٩ - ٢٠] ألقى الشيطانُ على لسانه: تلك الغرانيق العلا، وإنَّ شفاعتهُنَّ لَتُرتجى، فقال المشركون: ما ذكر آلهتنا بخيرٍ قبلَ اليوم، فسجد وسجدوا، فنزلت هذه الآية» ورواها البزَّار وابن مردويه من طريق أميَّة بن خالدٍ عن شعبةَ، فقال في إسناده: عن سعيد بن جُبيرٍ عن ابن عبَّاسٍ فيما أحسب، ثمَّ ساق الحديثَ، وقال البزَّار: لا يُروى متَّصلًا إلَّا بهذا الإسناد، تفرَّد بوصله أُميَّة بنُ خالدٍ، وهو ثقةٌ مشهورٌ، قال: وإنَّما يُروى هذا من طريق الكلبيِّ، عن أبي صالح، عن ابن عبَّاس. انتهى. والكلبيُّ متروكٌ لا يُعتمدُ عليه، ورواها أيضًا ابنُ إسحاقَ في «سيرته»، وموسى بن عقبة في «مغازيه»، وأبو معشرٍ في آخرين، وكلُّها مراسيلُ، وقد طعن فيها غيرُ واحدٍ مِنَ الأئمَّةِ، حتى قال ابنُ إسحاقَ وقد سُئِلَ عنها: هي مِن وضعِ الزنادقةِ، وقال البيهقيُّ: غير ثابتةٍ نقلًا، ورُواتُها مطعونون، وأَطْنَبَ القاضي عياض في «الشفاء» في توهينِ أصلِها، فشَفَى وَكَفَى؛


(١) «وفي اليونينيَّة: أمنية قراءته بالرفع فيهما»: سقط من (د)، ووقع في (ص) بعد لفظ «أي: يثبتها».
(٢) في (د): «روى هذا».

<<  <  ج: ص:  >  >>