للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

(فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ؛ إِذَا رَأَى أَحَدُنَا عَلَى امْرَأَتِهِ رَجُلًا يَنْطَلِقُ) حالَ كونه (١) (يَلْتَمِسُ البَيِّنَةَ) أي: يطلبُها؟ (فَجَعَلَ النَّبِيُّ يَقُولُ: البَيِّنَةَ، وَإِلَّا حَدٌّ فِي ظَهْرِكَ، فَقَالَ هِلَالٌ: وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالحَقِّ؛ إِنِّي لَصَادِقٌ، فَلَيُنْزِلَنَّ اللهُ) بفتح اللَّام وضمِّ التَّحتيَّة وسكون النون (مَا يُبَرِّئُ ظَهْرِي مِنَ الحَدِّ) في موضع نصبٍ بقوله: «فَليُنزلَنَّ اللهُ» (فَنَزَلَ جِبْرِيلُ) (وَأَنْزَلَ عَلَيْهِ) : (﴿وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ﴾ فَقَرَأ حَتَّى بَلَغَ: ﴿إِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ﴾ [النور: ٦ - ٩]) أي: فيما رماها الزوجُ به (فَانْصَرَفَ النَّبِيُّ ، فَأَرْسَلَ إِلَيْهَا) أي: إلى خولَة بنتِ عاصمٍ زوجِ هلالٍ، فحضرت بين يديه (فَجَاءَ هِلَالٌ فَشَهِدَ) أربعَ شهاداتٍ بالله إنَّه لمن الصادقين فيما رماها به، والخامسةَ أنَّ لعنة الله عليه إن كان من الكاذبين في الرمي (وَالنَّبِيُّ يَقُولُ: إِنَّ اللهَ يَعْلَمُ أَنَّ أَحَدَكُمَا كَاذِبٌ).

قال القاضي عياض -وتَبِعَه النوويُّ-: في قوله: «أحدكما» ردٌّ على مَن قال مِنَ النُّحاة: إنَّ لفظ أحد لا يُستعمل إلَّا في النفي، وعلى مَن قال منهم: لا يُستعمل إلَّا في الوصف، وأنَّه لا توضع (٢) في موضع «واحدٍ»، ولا توقع (٣) موقعه، وقد أجازه المبرِّد، وجاء في هذا الحديث في غير وصفٍ ولا نفيٍ بمعنى «واحدٍ». انتهى. وتعقَّب الفاكهانيُّ ذلك فقال: هذا مِن أعجب ما وقع للقاضي عياض مع براعته وحِذْقه؛ فإنَّ الذي قاله النُّحاة إنَّما هو في «أحد» التي للعموم؛ نحو: ما في الدار من أحد، وما جاءني من أحد، وأمَّا «أحد» بمعنى «واحد»؛ فلا خلاف في استعمالها في الإثبات؛ نحو: ﴿قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ﴾ [الإخلاص: ١] ونحوه: ﴿فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ﴾ [النور: ٦] ونحو: «أَحدُكما كاذبٌ».

(فَهَلْ مِنْكُمَا تَائِبٌ؟) عرَّض لهما بالتوبة بلفظ الاستفهام؛ لإبهام الكاذب منهما؛ فلذلك لم يقل لهما: توبا، ولا لأحدهما بعينه: تُب، ولا قال: ليَتُبِ الكاذب منكما، وزاد جرير بن حازم، عن أيوب، عن عكرمة، عن ابن عبَّاس عند الطبريِّ والحاكم والبيهقيِّ: فقال هلالٌ: والله؛ إنِّي لصادق (ثُمَّ قَامَتْ) أي: زوجتُه (٤) (فَشَهِدَتْ) أي (٥): أربع شهادات بالله إنَّه لمن الكاذبين فيما


(١) «حال كونه»: ليس في (د).
(٢) في (د) و (ص) و (م): «وأنها لا توضع».
(٣) في (د) و (ص) و (م): «تقع».
(٤) في (ب) و (د) و (م): «الزوجة».
(٥) «أي»: ليس في (د).

<<  <  ج: ص:  >  >>