للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

لا يمتنعُ أن يشهدَ وفاة كافرٍ، فتوجَّه الرَّدُّ على الجزمِ، ويؤيِّدُه: أنَّ عنعنةَ الصَّحابيِّ محمولةٌ على السماع، إلَّا إذا ذَكَرَ (١) قصَّة ما أدركها؛ كحديث عائشةَ عن قِصَّة المبعث النبويِّ؛ فتلك الروايةُ تُسَمَّى مرسلَ صحابيٍّ، وأمَّا لو أخبر عن قِصَّةٍ أدركَها ولم يصرِّح فيها بالسماع ولا المشاهدة؛ فإنَّها محمولةٌ على السماع، وهذا شأنُ حديثِ المسيَّب، فهذا الذي يمشي على الاصطلاح الحديثيِّ، وأمَّا الدفع بالصدر فلا يعجز عنه أحدٌ (٢) لكنَّه لا يُجدي شيئًا. انتهى. (فَقَالَ) لأبي طالب: (أَيْ عَمِّ، قُلْ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، كَلِمَةً) بالنصب على البدل، ويجوزُ الرفعُ خبرُ مبتدأٍ محذوفٍ (أُحَاجُّ لَكَ بِهَا عِنْدَ اللهِ) بضمِّ الهمزة وفتح الحاء المهملة وبعد الألف جيم مشدَّدة مضمومة في الفرع، خبرُ مبتدأٍ محذوفٍ، وفي بعض النسخ: فتح الجيم، على الجزمِ جوابُ الأمرِ (٣)، والتَّقديرُ: إن تقلْ؛ أُحاجَّ، وهو مِنَ المحاججة (٤) مفاعلة من الحُجَّة، وعند الطبريِّ من طريق سفيان بن حسين عن الزُّهريِّ قال: «أي عم؛ إنَّك أعظمُ الناس عليَّ حقًّا وأحسنُهم عندي يدًا، فقُل كلمةً تجب لي بها الشفاعةُ فيك يومَ القيامة» (فَقَالَ أَبُو جَهْلٍ وَعَبْدُ اللهِ بْنُ أَبِي أُمَيَّةَ) لأبي طالبٍ: (أَتَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ عَبْدِ المُطَّلِبِ؟) يقال: رَغِبَ عنِ الشيء؛ إذا لم يُرِدْهُ، ورَغِب فيه؛ إذا أراده (فَلَمْ يَزَلْ رَسُولُ اللهِ يَعْرِضُهَا) أي: كلمةَ الإخلاص (٥) (عَلَيْهِ) على عمِّه أبي طالب (وَيُعِيدَانِهِ) بضمِّ أوَّله، والضميرُ المنصوب لأبي طالبٍ (بِتِلْكَ المَقَالَةِ) وهو قولهما: «أترغب» … وكأنَّه كان قد قارب أن يقولَها فيرُدَّانه، وقال البِرماويُّ -كالزَّركشيِّ-: صوابه: ويعيدان له تلك المقالة، وتعقَّبه في «المصابيح» فقال: ضاق عطنه -يعني: الزَّركشيِّ- عن توجيه اللفظ على الصِّحَّة فجزم بخطئه، ويمكن أن يكون ضمير النصب مِن قوله: «ويعيدانه» ليس عائدًا على أبي طالب، وإنَّما هو عائدٌ على الكلام بتلك المقالة، ويكون «بتلك المقالة» ظرفًا مستقرًّا منصوبَ المحلِّ على الحال مِن ضمير النصب العائدِ على الكلام، والباءُ للمصاحبة، أي: يعيدان الكلامَ في حالة كونِهِ متلبِّسًا بتلك المقالة، وإن بنينا على جواز إعمال ضمير المصدر، كما ذهب إليه بعضهم في مثل: «مروري بزيدٍ حسنٌ، وهو بعمرٍو قبيحٌ»؛ فالأمرُ


(١) في غير (د): «أدرك».
(٢) ليست في (ص).
(٣) أي: «قل»، وقوله: «الأمر»: ليس في (د).
(٤) في (د): «المحاجَّة».
(٥) في (ص): «التوحيد».

<<  <  ج: ص:  >  >>