للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

﴿(١) عَائِدُونَ﴾ [الدخان: ١٠ - ١٥]) أي: إلى الكفر أو إلى العذاب، قال ابنُ مسعودٍ: (أَفَيُكْشَفُ) بهمزة الاستفهام وضمِّ الياء مبنيًّا للمفعول (عَنْهُمْ عَذَابُ الآخِرَةِ إِذَا جَاءَ (٢)) وللأصيليِّ: «فَتَكشَّفَ» بمثناة فوقية مفتوحة وفتح الكاف وتشديد المعجمة «عنهمُ العذابُ» أي: رُفِعَ القحط بدعاء النبي كشفًا قليلًا أو زمانًا قليلًا (ثُمَّ عَادُوا إِلَى كُفْرِهِمْ (٣)) عقب الكشف (٤)؟ (فَذَلِكَ (٥) قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿يَوْمَ نَبْطِشُ الْبَطْشَةَ الْكُبْرَى﴾ [الدخان: ١٦] يَوْمَ بَدْرٍ) ظرفٌ، يريد: القتلَ فيه، وهذا الذي قاله ابنُ مسعودٍ وافقه عليه جماعةٌ كمجاهدٍ وأبي العالية وإبراهيمَ النَّخَعيِّ والضَّحَّاكِ وعطيَّةَ العَوْفِّي، واختارَه ابنُ جريرٍ، لكن أخرج ابن أبي حاتم، عن الحارث، عن عليِّ بن أبي طالبٍ قال: لم تمضِ آيةُ الدُّخَان بعدُ، يأخذ المؤمنَ كهيئةِ الزُّكام، وينفخ الكافر حتى ينفد، وأخرج أيضًا عن عبد الله ابن أبي مليكة قال: غدوت على ابن عبَّاسٍ ذات يوم فقال: ما نمتُ الليلةَ حتى أصبحتُ، قلتُ: لم (٦)؟ قال: قالوا: طلع الكوكب ذو الذنب، فخشيتُ أن يكون الدخان قد طرق، فما نمتُ حتَّى أصبحتُ، قال الحافظ ابنُ كثيرٍ: وإسنادُه صحيحٌ إلى ابنِ عبَّاسٍ حَبْرِ الأمَّة وتَرجمانِ القرآن، ووافقَه عليه جماعة مِنَ الصحابة والتابعين، مع الأحاديث المرفوعة مِنَ الصِّحاح والحِسان، ممَّا فيه دلالة ظاهرةٌ على أنَّ الدخان مِنَ الآيات المنتظَرَة، وهو ظاهرُ قوله تعالى: ﴿فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاء بِدُخَانٍ مُّبِينٍ﴾ [الدخان: ١٠] أي: بيِّنٍ واضحٍ، وعلى ما فَسَّرَ به ابنُ مسعود إنَّما هو خيالٌ رأَوه في أعينِهِم مِن شِدَّةِ الجوع والجهد، وكذا قوله: ﴿يَغْشَى النَّاسَ﴾ [الدخان: ١١] أي: يَعُمُّهُم، ولو كان خيالًا يخصُّ مشركي مكَّة لَمَا قيل: ﴿يَغْشَى النَّاسَ﴾ وأمَّا قولُه: ﴿إِنَّا كَاشِفُو الْعَذَابِ﴾ [الدخان: ١٥] أي: ولو كشفنا عنكم العذاب ورجعناكم إلى الدنيا؛ لعُدْتُم إلى ما كنتم فيه من الكفر والتكذيب؛ كقوله تعالى: ﴿وَلَوْ رَحِمْنَاهُمْ وَكَشَفْنَا مَا بِهِم مِّن ضُرٍّ لَّلَجُّوا﴾ [المؤمنون: ٧٥] ﴿وَلَوْ رُدُّواْ لَعَادُواْ لِمَا نُهُواْ عَنْهُ﴾ [الأنعام: ٢٨] وقال آخرون: لم يمضِ الدُّخَانُ بعدُ، بل هو مِن أماراتِ الساعةِ.


(١) زيد في (د) و (م): «﴿إِنَّكُمْ﴾».
(٢) زيد في (د): «به».
(٣) في (ص): «الكفر».
(٤) في (ص): «الكفر».
(٥) في (ص): «فلذلك».
(٦) في (د): «ولم».

<<  <  ج: ص:  >  >>