للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ويكون مثاره إكرام القبلة عن المُواجَهة بالنَّجاسة، وقِيلَ: مثار النَّهيِ كشف العورة، وحينئذٍ فيطَّرد في كلِّ حالةٍ تُكشَف (١) فيها العورة كالوطء مثلًا، وقد نقله ابن شاسٍ من المالكيَّة قولًا في مذهبهم، وكأنَّ قائله تمسَّك بروايةٍ في «المُوطَّأ»: «لا تستقبلوا القبلة بفروجكم» ولكنَّها محمولةٌ على (٢) قضاء الحاجة جمعًا بين الرِّوايتين (شَرِّقُوا أَوْ غَرِّبُوا) أي: خذوا في ناحية المشرق، أو في ناحية المغرب، وفيه: الالتفات من الغيبة إلى الخطاب، وهو لأهل المدينة ومن كانت (٣) قبلتهم على سمتهم، أمَّا من كانت (٤) قبلته إلى جهة المشرق أو المغرب فإنَّه ينحرف إلى جهة الجنوب أو الشَّمال، ثمَّ إنَّ هذا الحديث يدلُّ على عموم النَّهيِ في الصَّحراء والبنيان، وهو مذهب أبي حنيفة ومجاهدٍ وإبراهيم النَّخعيِّ وسفيان الثَّوريِّ وأحمد في روايةٍ عنه لتعظيم القبلة، وهو موجودٌ فيهما، فالجواز في البنيان إن كان لوجود الحائل فهو موجودٌ في الصَّحراء كالجبال والأودية، وخصَّ الشَّافعيَّة والمالكيَّة وإسحاق وأحمد في رواية هذا العموم بحديث ابن عمر الآتي [خ¦١٤٥] الدَّالِّ على جواز الاستدبار في الأبنية، وجابر عند أحمد وأبي داود وابن خزيمة الدَّالِّ على جواز الاستقبال فيها، ولولا ذلك كان حديث أبي أيُّوب لا يخصُّ من عمومه بحديث ابن عمر إلَّا جواز الاستدبار فقط، ولا يُقَال: يلحق (٥) به الاستقبال قياسًا لأنَّه لا يصحُّ، وقد تمسَّك به قومٌ فقالوا بجواز الاستدبار دون الاستقبال، وحُكِيَ عن أبي حنيفة وأحمد، وهو قول أبي يوسف، وهل جوازهما (٦) في البنيان مع الكراهة أم لا؟ قيل: يُكرَه وفاقًا


(١) في (ص) و (م): «يكشف».
(٢) في (ب) و (س): «حالة».
(٣) في (ص): «كان».
(٤) «كانت»: سقط من (م).
(٥) في (م): «يقال لحق».
(٦) في (م): «جوارهما»، وهو تصحيفٌ.

<<  <  ج: ص:  >  >>