للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

الألف إشارةٌ إلى الأحديَّةِ، واللَّام إلى لطفهِ، والميمُ إلى ملكهِ، ويقال: بعضُها يدلُّ على أسماء الذَّات، وبعضُها على أسماء الصِّفات، ويقال في ﴿الم﴾: أنا الله أعلمُ، وفي ﴿المص﴾: أنا الله أفصِلُ، وفي ﴿الر﴾: أنا الله أرى (وَيُقَالُ) ولأبي ذرٍّ: «فيقالُ (١)» في ﴿حم﴾ (بَلْ هُوَ اسْمٌ) أي: من أسماءِ القرآنِ، أو اسمٌ للسورةِ كغيرها من الفواتحِ، واختارهُ كثيرٌ من المحقِّقين (لِقَوْلِ شُرَيْحِ بْنِ أَبِي أَوْفَى) بإثبات: «أبي» في الفرعِ كغيرهِ، ونسبها في «الفتح» لروايةِ القابسيِّ، وقال: إنَّ ذلك خطأ، والصَّواب إسقاطها، فيصيرُ: شريحُ بن أوفى (العَبْسِيِّ) بفتح العين المهملة وسكون الموحدة بعدها مهملة، وكان مع عليِّ بن أبي طالبٍ يوم الجمل، وكان على محمد بنِ طلحةَ ابنِ عبيدِ الله عمامةٌ سوداء، فقال علي: لا تقتُلوا صاحبَ العمامةِ السَّوداء فإنَّما أخرجه برُّه لأبيهِ، فلقيه شريحُ بن أوفى فأهوى له بالرُّمحِ، فتلا: ﴿حم﴾ فقتله، فقال شريح: (يُذَكِّرُنِي حَامِيمَ وَالرُّمْحُ شَاجِرٌ) بالشين المعجمة والجيم، والجملة حاليَّة، والمعنى: والرُّمحُ مشتبك مختلطٌ (فَهَلَّا) حرفُ تحضيضٍ (تَلَا) قرأ (حَامِيمَ قَبْلَ التَّقَدُّمِ) أي: إلى الحرب. وقال الكِرمانيُّ: وجه الاستدلال به هو أنَّه أعربهُ، ولو لم يكن اسمًا لما دخلَ عليه الإعرابُ. انتهى.

وبذلك قرأَ عيسى بن عمر، وهي تحتملُ وجهين: أنَّها منصوبة بفعلٍ مقدَّر، أي: اقرأ حم، ومنعت من الصَّرف للعلميَّة والتَّأنيث، أو العلميَّة وشبْه العُجْمة؛ لأنَّه ليس في الأوزانِ العربيةِ وزن فاعيل، بخلاف الأعجميَّة نحو: قابيل وهابيل، أو أنَّها حركة بناء تخفيفًا كأيْنَ وكيفَ، وقيل (٢): كان مرادُ محمد بن طلحةَ بقوله: أذكِّرك ﴿حم﴾ قوله تعالى في ﴿حم. عسق﴾: ﴿قُل لَّا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى﴾ [الشورى: ٢٣] كأنَّه (٣) يذكِّره بقرابتهِ؛ ليكون ذلك دافعًا له عن قتلهِ.


(١) قوله: «ولأبي ذر: فيقال»: ليس في (م) و (د).
(٢) قوله: «وقيل»: ليس في (د).
(٣) في (د): «لأنه».

<<  <  ج: ص:  >  >>