للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقولُ ابن المُنيِّرِ في «الانتصاف»: وفي الآيةِ نكتَتان: إحداهما: أنَّ النكرة في سياقِ الشَّرط تعمُّ، وفي ذلك اضطراب للأصوليين، وإمام الحرمين يختارُ العمومَ، وبعضُهم حملَ كلامهُ على العمومِ البدليِّ لا الاستغراقيِّ، فإن كان مرادهُ عموم الشُّمول فالآيةُ حجَّة له من وجهين؛ لأنَّه نكَّرَ الشَّيطانَ ولم يرد إلَّا الكلَّ؛ لأنَّ كلَّ إنسانٍ له شيطان، فكيف بالعاشِي عن ذكرِ الله؟! والثَّاني: أنَّه أعادَ الضَّمير مجموعًا في قولهِ: ﴿وَإِنَّهُمْ لَيَصُدُّونَهُمْ عَنِ السَّبِيلِ﴾ [الزخرف: ٣٧] ولولا عموم الشُّمول لما جازَ عود الضَّمير على واحدٍ.

تعقَّبه العلَّامة البدرُ الدَّمامينيُّ فقال: في كلٍّ من الوجهينِ اللَّذين أبداهُما نظرٌ، أمَّا الأوَّل: فلا نسلِّم أنَّه أرادَ كلَّ شيطانٍ، بل المقصودُ أنَّه قُيِّض لكلِّ فردٍ من العاشينَ عن ذكر الله شيطانٌ واحدٌ لا كل شيطانٍ، وذلك واضحٌ. وأمَّا الثَّاني: فعود ضمير الجماعةِ على شيءٍ ليس بينه وبين العمومِ الشُّمولي تلازمٌ بوجهٍ، وعود الضَّمير في الآية بصيغةِ ضميرِ الجماعةِ إنَّما كان باعتبار تعدُّد الشَّياطينِ المفهومة ممَّا تقدَّم؛ إذ معناه على ما قرَّرناهُ: أنَّ كلَّ عاشٍ له شيطان، فبهذا الاعتبارِ جاء التَّعدد، فعاد الضَّمير كما يعودُ على الجماعةِ.

(وَقَالَ مُجَاهِدٌ) ممَّا (١) وصلهُ الفِريابيُّ في قولهِ: (﴿أَفَنَضْرِبُ عَنكُمُ الذِّكْرَ﴾ [الزخرف: ٥] أَيْ: تُكَذِّبُونَ بِالقُرْآنِ ثُمَّ لَا تُعَاقَبُونَ عَلَيْهِ؟) وقال الكلبيُّ: أفنتركُكم سدًى لا نأمركُم ولا ننهاكُم؟

(﴿وَمَضَى مَثَلُ الْأَوَّلِينَ﴾ [الزخرف: ٨]) أي: (سُنَّةُ الأَوَّلِينَ) قاله مجاهدٌ فيما وصلهُ الفِريابيُّ أيضًا.

(﴿مُقْرِنِينَ﴾ [الزخرف: ١٣]) وللأَصيليِّ: «﴿وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ﴾» (يَعْنِي: الإِبِلَ وَالخَيْلَ وَالبِغَالَ وَالحَمِيرَ) وهو تفسيرٌ للمراد بالضَّمير في ﴿لَهُ﴾.

(﴿يُنَشَّأُ فِي الْحِلْيَةِ﴾ [الزخرف: ١٨]) أي: (الجَوَارِي) اللَّاتي (٢) يَنْشَأْنَ في الزِّينةِ، أي: البنات


(١) في (م): «فبما».
(٢) في (ج) و (ص) و (ل) و (م): «الذين»

<<  <  ج: ص:  >  >>