للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

جنس (١) المشبَّه به، واستعمل في حال المشبَّه ما كان مستعملًا في المشبَّه به من الألفاظ بدلائل قرائنِ الأحوالِ، ويجوزُ أن تكون مَكْنِيَّة بأن يشبِّه الرَّحم بإنسانٍ مستجيرٍ بمن يحميهِ ويحرسه ويذبُّ عنه ما يؤذيهِ، ثمَّ أسند على سبيلِ الاستعارةِ التَّخييليَّةِ ما هو لازمُ المشبَّه به من القيامِ ليكون قرينةً مانعةً من إرادةِ الحقيقةِ، ثمَّ رُشِّحت الاستعارة بأخذ الحقو والقول، وقوله: «بحقْو الرَّحمن»، استعارة أخرى مثلها، وسقطَ قوله: «بحقوِ الرَّحمن» في رواية أبي ذرٍّ، كما في الفرع وأصله. وقال في «الفتح»: حُذف للأكثر مفعول «أخذتْ». قال: وفي رواية ابنِ السَّكنِ: «فأخذتْ (٢) بحقو الرَّحمنِ»، وقال القابسيُّ: أبى أبو زيد أن يقرأَ لنا هذا الحرفَ لإشكالهِ، وقال: هو ثابتٌ لكن مع تنزيهِ الله تعالى، ويحتملُ أن يكونَ على حذفٍ، أي: قام ملكٌ فتكلَّم على لسانِها، أو على طريقِ ضربِ المثلِ والاستعارةِ، والمراد تعظيمُ شأنها، وفضيلةُ واصلها، وإثمُ قاطعِها، وتثنيةُ حقو المرويَّة عند الطَّبريِّ للتَّأكيدِ؛ لأنَّ الأخذ باليدينِ آكدُ في الاستجارةِ من الأخذِ بيدٍ واحدةٍ (٣).

(فَقَالَ) تعالى (لَهَ: مَهْ) بفتح الميم وسكون الهاء: اسم فعلٍ، أي: اكفُف وانزجِر. وقال ابنُ مالكٍ: هي هنا ما الاستفهاميَّة حُذفتْ ألفها ووُقِف عليها بهاء السَّكت، والشَّائعُ أن لا يُفعل ذلك بها إلَّا وهي مجرورة، ومِن استعمالها -كما وقع هنا- غير مجرورةٍ قول أبي ذؤيبٍ الهذليِّ: قدمت المدينةَ ولأهلها ضجيجٌ بالبكاء (٤) كضجيجِ الحجيجِ، فقلتُ: مه، فقالوا: قُبِضَ رسولُ الله . انتهى. فإن كان المرادُ الزَّجر فواضحٌ، وإن كان الاستفهام فالمرادُ منه الأمر بإظهارِ الحاجةِ دون الاستعلامِ، فإنَّه تعالى يعلمُ السِّرَّ وأخفى. (قَالَتْ: هَذَا مَقَامُ العَائِذِ) بالذال المعجمة، أي: قيامِي هذا قيام المستجيرِ (بِكَ مِنَ القَطِيعَةِ) وفي حديث عبد الله بنِ عمرو عند أحمد: أنَّها (٥) تكلَّم بلسانٍ طلقٍ ذلقٍ (قَالَ) تعالى: (أَلَا) بالتَّخفيف (تَرْضَيْنَ أَنْ أَصِلَ مَنْ وَصَلَكِ) بأن أتعطَّفَ


(١) قوله: «المشبه في جنس»: ليست في (م) و (د).
(٢) في (د): «وأخذت».
(٣) في (ص): «باليد الواحدة».
(٤) قوله: «بالبكاء» مستدرك من الفتح ومصادره.
(٥) «أنها»: ليست في (ص).

<<  <  ج: ص:  >  >>